للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان ما أكرم اللَّه تعالى به نبيّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وفضّله به من حلّ النساء بدون حصر بأربع، أو نحوه. (ومنها): بيان سبب نزول آية: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} الآية. (ومنها): ما كان عليه الصحابيات من الحرص على أن يكنّ من أمهات المؤمنين، فيعرضن أنفسهنّ عليه - صلى اللَّه عليه وسلم -. (ومنها): أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لا يجب عليه القسم بين زوجاته، وفيه خلاف بين أهل العلم، وهذا هو الراجح. (ومنها): ما جُبلت عليه النساء من الغيرة، حيث كانت عائشة تكره النساء اللاتي يعرضن أنفسهنّ على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. (ومنها): استحباب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح؛ رجاء عودة صلاحه عليها بما ينفعها في معاشها ومعادها. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): أنه لم يُرجىء النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بعد نزول هذا التخيير له، بل كان يقسم لهنّ، وإذا أراد أن يذهب إلى غير صاحبة النوبة، استأذنها، فقد أخرج البخاريّ في "صحيحه"، من طريق عاصم الأحول، عن معاذة، عن عائشة - رضي اللَّه عنها -، أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، كان يستأذن في يوم المرأة منا، بعد أن أُنزلت هذه الآية: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: ٥١]، فقلت لها: ما كنت تقولين؟، قالت: كنت أقول له، إن كان ذاك إلى، فإني لا أريد، يا رسول اللَّه أن أُوثِرَ عليك أحدا".

قال الزهريّ: ما أعلم أنه أرجأ أحدًا من نسائه. أخرجه ابن أبي حاتمء وعن قتادة: أُطلق له أن يَقسِم كيف شاء، فلم يَقسِم إلا بالسويّة انتهى (١) واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): اختلف السلف في هذه الآية، فقيل: هي ناسخة لقوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: ٥٢]، مبيحة له أن يتزوّج ما شاء. وقيل: بل نُسخ قوله: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} بالسنّة، قال زيد بن أسلم: تزوّج رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بعد نزول هذه الآية ميمونة، ومُليكة، وصفيّة، وجويرية. وقالت عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: "ما مات رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حتى أحلّ اللَّه له النساء". رواه الترمذيّ، والنسائيّ (٢). وقيل: عكس هذا، وهو أن قوله: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} ناسخة لقوله: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ …} الآية [الأحزاب: ٥٠]. ولقوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ}. وقيل: غير هذا مما هو ظاهر الفساد. وإن صحّ ما نقله زيد بن أسلم فالقول قوله. قاله أبو العباس القرطبيّ (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الراجح أن آية {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} منسوخة بآية


(١) - "فتح" ٩/ ٤٨٢ "كتاب التفسير".
(٢) - يأتي للمصنف في الباب التالي رقم ٣٢٠٦.
(٣) - "المفهم" ٤/ ٢٠٩ - ٢١٠.