الصداق. وإن كانت القصّة متعدّدة، فلا إشكال. ووقع في حديث ابن عبّاس في "فوائد أبي عمر بن حيويه" أن رجلاً قال: إن هذه امرأةٌ رضيت بي، فزوّجها مني، قال: فما مهرها؟، قال: ما عندي شيء، قال: أمهرها ما قلّ أو كثر، قال: والذي بعثك بالحقّ ما أملك شيئًا". وهذه الأظهرُ فيها التعدّد. قاله في "الفتح".
(فَاطْلُبْ) أي اطلب صداقًا تدفعه لها (وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدِ) "لو" هنا تقليليّة، قال عياض: ووهم من زعم خلاف ذلك. وقد أشار إلى ذلك السيوطي في "الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع"، حيث قال عند ذكر معاني "لو":
وفي رواية يعقوب، وابن أبي حازم، وابن جريج: "اذهب إلى أهلك، فانظر هل تجد شيئًا، فذهب، ثم رجع، فقال: لا واللَّه يا رسول اللَّه ما وجدت شيئًا، قال: انظر ولو خاتماً من حديد، فذهب، ثم رجع، قال: لا واللَّه يا رسول اللَّه، ولا خاتمًا من حديد"، وكذا وقع في رواية مالك: ثم ذهب يطلب مرتين، لكن باختصار. وفي رواية هشام بن سعد: "فذهب، فالتمس، فلم يَجد شيئًا، فرجع، فقال: لم أجد شيئًا، فقال له: اذهب، فالتمس"، وقال فيه: "فقال: ولا خاتم من حديد لم أجده، ثم جلس"، ووقع في "خاتم" النصب على المفعولية لـ"التمس"، والرفع على تقدير ما حصل لي ولا خاتم. ووقع في رواية أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - "قال: قم إلى النساء، فقام إليهنّ، فلم يجد عندهنّ شيئًا"، والمراد بالنساء أهل الرجل، كما دلّت عليه رواية يعقوب.
(فَذَهَبَ) الرجل (فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا) يكون صداقًا لها (وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدِ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أَمَعَكَ من سُوَرِ القُرْآنِ شَيْءٌ؟) كذا وقع في رواية سفيان بن عيينة باختصار ذكر الإزار، وثبت في رواية مالك (١)، وجماعة، منهم من قدّم ذكره على الأمر بالتماس الشيء، أو الخاتم، ومنهم من آخره، ففي رواية مالك:"قال: هل عندك من شيء تُصدقها إياه؟، قال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال: إزارك إن أعطيتها جلستَ لا إزار لك، فالتمس شيئًا". ويجوز في قوله:"إزارك" الرفع على الابتداء، والجملة الشرطيّة. الخبر، والمفعول الثاني محذوف، تقديره:"إياه". وثبت كذلك في رواية، ويجوز النصب على أنه مفعول ثان لـ"أعطيتها".
و"الإزار" يذكر ويؤنث، وقد جاء هنا مذكرا. ووقع في رواية يعقوب، وابن أبي حازم بعد قوله: "اذهب إلى أهلك - إلى أن قال- ولا خاتمًا من حديد، ولكن هذا
(١) - أي عند البخاريّ، وغيره، وإلا فرواية مالك الآتية عند المصنّف مختصرة أيضًا. فتنبّه.