للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا يخذُله، ولا يحقره، التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في أقوال أهل العلم في حكم الْخِطْبَة على الخِطبة:

ذهب الجمهور إلى أن النهي في هذا الحديث للتحريم. وقال الخطّابيّ: هو نهي تأديب، وليس بنهي تحريم، يُبطل العقد عند أكثر الفقهاء. كذا قال. قال في "الفتح": ولا ملازمة بين كونه للتحريم، وبين البطلان عند الجمهور، بل هو عندهم للتحريم، ولا يبطل به العقد، بل حكى النوويّ أن النهي فيه للتحريم بالإجماع، ولكن اختلفوا في شروطه، فقال الشافعيّة، والحنابلة محلّ التحريم ما إذا صرّحت المخطوبة، أو وليّها الذي أذنت له، حيث يكون إذنها معتبرًا بالإجابة، فلو وقع التصريح بالردّ فلا تحريم، ولو لم يعلم الثاني بالحال فيجوز الهجوم على الخِطبة؛ لأن الأصل الإباحة. وعند الحنابلة في ذلك روايتان. وإن وقعت الإجابة بالتعريض، كقولها: لا رغبة عنك، فقولان عند الشافعيّة، الأصحّ -وهو قول المالكيّة، والحنفيّة- لا يحرم أيضًا. وإذا لم تردّ، ولم تقبل فيجوز، والحجة فيه قول فاطمة بنت قيس - رضي اللَّه تعالى عنها -: خطبني معاوية، وأبو الجهم، فلم ينكر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - ذلك عليهما، بل خطبها هو لأسامة بن زيد - رضي اللَّه تعالى عنهما -.

وأشار النوويّ وغيره إلى أنه لا حجة فيه؛ لاحتمال أن يكونا خطبا معًا، أو لم يعلم الثاني بخِطبة الأول، والنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أشار بأسامة، ولم يخطب، وعلى تقدير أن يكون خطب، فكأنه لما ذكر لها ما في معاوية، وأبي جهم ظهر منها الرغبة عنهما، فخطبها لأسامة.

وحكى الترمذيّ عن الشافعيّ أن معنى حديث الباب: إذا خطب الرجل المرأة، فرضيت به، وركنت إليه، فليس لأحد أن يخطب على خطبته، فإذا لم يعلم برضاها، ولا ركونها، فلا بأس أن يخطبها. والحجة فيه قصّة فاطمة بنت قيس، فإنها لم تخُبره برضاها بواحد منهما، ولو أخبرته بذلك لم يُشر عليها بغير من اختارت. فلو لم توجد منها إجابة، ولا ردّ، فقطع بعض الشافعيّة بالجواز، ومنهم من أجرى القولين. ونصّ الشافعيّ في البكر على أن سكوتها رضًا بالخاطب. وعن بعض المالكيّة: لا تمنع الخطبة إلا على خطبة من وقع بينهما التراضي على الصداق.

وإذا وُجد شروط التحريم، ووقع العقد للثاني، فقال الجمهور: يصحّ مع ارتكاب التحريم. وقال داود: يُفسخ النكاح قبل الدخول وبعده. وعند المالكيّة خلافٌ