وفيما قاله نظر لا يخفى، بل الراجح ما قاله الشوكاني، فإن الحديث صح قولا وفعلا كما مر قريبا ولا صارف للأمر عن الوجوب فالحق وجوبه.
وأما قوله: وقد سيقت لبيان صفة الوضوء، فهذا غير صحيح: فإن كثيرا من الأحاديث التي سيقت لبيان صفة الوضوء، ما استوفت جميع صفة الوضوء بمفرداتها، بل كلما زادت رواية أخذنا بها، فصارت مشروعة، فالبيان حصل بمجموعها، وها هنا أيضا حصلت زيادة على الروايات الأخرى التي أطلقت فيلزم الأخذ بها سواءً فتبصر والله أعلم.
المسألة الخامسة: في كيفية التخليل: ذهب بعضهم إلى أن تخليل أصابع الرجلين يكون بخنصر اليسرى، ويكون من أسفل القدم، مبتدئا بخنصر رجله اليمنى، ويختم بخنصر اليسرى.
وذهب بعضهم إلى أنه يستحب أن يخلل بخنصر يده اليمنى من تحت الرجل.
وذهب بعضهم إلى التخيير في ذلك، قال إمام الحرمين: لست أرى لتعيين اليد اليمنى أو اليسرى في ذلك أصلا، إلا النهي عن الاستنجاء باليمين، وليس تخليل الأصابع مشابها له، فلا حَجر على المتوضئ في استعمال اليمين أو اليسار، فإن الأمر كذلك، في غسل الرجلين وخَلَلُ الأصابع جزء منها، ولم يثبت عندي في تعيين إحدى اليدين شيء. وقيل يخلل ما بين كل أصبعين من أصابع رجليه بأصبع من أصابع يده ليكون بماء جديد ويترك الإبهامين فلا يخلل بهما لما فيه من العسر، وهذه الأقوال محكية في مذهب الإمام الشافعي ذكرها النووي في مجموعه.
قال بعد ذكر الأقوال: فحصل من مجموع هذا أن التخليل من أسفل الرجل، ويبدأ من خنصر اليمين، وفي الأصبع التي يخلل بها أوجه: