حديث المقدام بن معدي كرب، قال:"أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء فتوضأ، فغسل كفيه ثلاثا، ثم غسل ذراعيه ثلاثا، ثم مضمض، واستنشق ثلاثا" وعليه ترجم ابن تيمية، يعني المجد عبد السلام صاحب المنتقى "باب جواز تأخيرهما من غسل الوجه واليدين" وأخرج عن الرُّبيِّع بنت معوذ مثله، إلا أنها قالت:"فغسل وجهه ثلاثا، ثم تمضمض".
وقال النووي: إنهم يتأولون هذه الرواية على أن لفظة "ثم" ليست هنا للترتيب، بل لعطف جملة على جملة؛ لأن المراد ذكر الجمل، لا صفة الترتيب، ولهذا لم يذكر غسل الرجلين في هذه الرواية انتهى.
قال الصنعاني: قلت: قد روى أبو داود في رواية المقدام: "غسل رجليه ثلاثا" وذهب ابن تيمية إلى ترجيح رواية تقدم المضمضة، فإنها عن علي، وعثمان، وهما أقعد بمعرفة أحواله - صلى الله عليه وسلم -، ولأن روايتهما أخرجها الشيخان.
وما أخرجاه مقدم على غيره كما عرف في أصول الحديث اهـ كلام الصنعاني في العدة [جـ ١ ص ١٧١، ١٧٢].
وسيأتي تمام البحث في وجوب الترتيب، وعدمه في المسائل آخر الباب إن شاء الله تعالى.
(ثلاث مرات) وهذا التثليث مستحب بالإجماع (ثم يده اليمنى) مؤنث اليمين، ضد اليسار. وأنثه لأن اليد مؤنثة (إلى المرفق) بفتح الميم وكسر الفاء، وعكسه، لغتان، وهو موصل الذراع بالعضد (ثلاث مرات) أي غسلا ثلاث مرات (ثم غسل يده اليسرى) تأنيث اليسار (مثل ذلك) أي ثلاث مرات. ولا خلاف في وجوب غسل اليدين للنص، والجمهور على وجوب غسل الرفق، وخالف في ذلك زفر من الحنفية،