قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -؛ الحاصل أن كُلًّا من العشر، والخمس منسوخٌ، لكن الأول نسخ تلاوةً وحكمًا، بخلاف الثاني، فإنه نسخ تلاوةً فقط، دون حكم، فيجب العمل به، فلا يُحرّم من الرضاع أقلّ من خمس رضعات، وهذا هو الراجح. وسيأتي تحقيق الخلاف فيه قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- ٥١/ ٣٣٠٨ - وفي "الكبرى"٤٨/ ٥٤٤٩. وأخرجه (م) في "الرضاع" ١٤٥٢ (د) في "النكاح" ٢٠٦٢ (ق) في "النكاح" ١٩٤٢ (الموطأ) في "الرضاع" ١٢٩٣ (الدارمي) في "النكاح" ٢٢٥٣. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان القدر الذي يحرّم من الرضاعة، وهو خمس رضعات معلومات، وفيه اختلاف بين العلماء، كما سيأتي تحقيقه في المسألة التالية، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): أن فيه جواز النسخ، وأنه ثلاثة أقسام: ما نُسخ تلاوة وحكمًا. وما نُسخ حكما فقط. وما نُسخ تلاوةً فقط، كما سبق بيانه قريبًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في مقدار ما يُحرّم من الرضاعة:
قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البرّ -رحمه اللَّه تعالى-: اختلف السلف والخلف في مقدار ما يحرّم من الرضاع:
فقال مالك، وأبو حنيفة، وأصحابه، والثوريّ، والأوزاعيّ، والليث، والطبري: قليل الرضاع، وكثيره يُحرّم، ولو مصّةً واحدةً، إذا وصلت إلى حلقه، وجوفه.
وهو قول عليّ، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عبّاس، وسعيد بن المسيّب، والحسن، ومجاهد، وعروة، وطاوس، وعطاء، ومكحول، والزهويّ، وقتادة، والحكم، وحمّاد. وقال الليث بن سعد: أجمع المسلمون في أن قليل الرضاع، وكثيره يُحرّم في المهد ما أفطر الصائم.
قال أبو عمر: لم يقف الليث على خلاف في ذلك.
وعند مالك في هذا الباب: عن إبراهيم بن عقبة؛ أنه سأل سعيد بن المسيّب، عن