الرضاعة؟ فقال سعيد: كلّ ما كان في الحولين، وإن كانت قطرة واحدةً، فهو يحرّم، وما كان بعد الحولين، فإنما هو طعام يأكله.
قال إبراهيم بن عقبة: ثم سألت عروة بن الزبير؟ فقال: مثل ما قال سعيد بن المسيّب. وعن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت سعيد بن المسيّب يقول: لا رضاعة إلا ما كان في المهد، وإلا ما أنبت اللحم والدم.
وعن ابن شهاب أنه كان يقول: الرضاعة قليلها وكثيرها تُحرّم، والرضاعة من قبل الرجال تُحرّم.
قال أبو عمر: الحجة في هذا ظاهر قول اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}[النساء: ٢٣]، ولم يخصّ قليل الرضاعة من كثيرها.
وقد روى ابن جريج، عن عمر بن دينار، عن ابن عمر أنه قيل له: قضى ابن الزبير بألا تُحرّم المصة، ولا المصّتان. فقال: قضاء اللَّه خير من قضاء ابن الزبير، حرّم الأختَ من الرضاعة.
وقالت طائفة منهم: عبد اللَّه بن الزبير، وأمّ الفضل، وعائشة على اختلاف عنها: لا تحرّم المصة، ولا المصّتان، ولا الرضعة، ولا الرضعتان، ولا الإملاجة، ولا الإملاجتان.
وبه قال سليمان بن يسار، وسعيد بن المسيّب. وإليه ذهب أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عُبيد. ورووا في ذلك حديثًا عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه قال:"لا تحرّم الإملاجة، ولا الإملاجتان"(١)، ومنهم من يرويه:"الرضعة، والرضعتان". قالوا: فما زاد على ذلك حرَّم، وذهبوا إلى أن الثلاث رضعات، فما فوقها تحُرّم، ولا تحرّم ما دونها.
وذهب الشافعيّ إلى أنه لا يحرّم من الرضاع إلا خمس رضعات متفرّقات. واحتجّ بقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا تحرّم الرضاعة، ولا الرضعتان، ولا المصّة، ولا المصّتان". ومما رواه أبو بكر، قال: حدّثنا أبو خالد الأحمر، عن حجّاج، عن أبي الزبير، قال: سألت ابن الزبير، عن الرضاع؛ فقال: لا تُحرّم الرضعة، ولا الرضعتان، ولا الثلاث، قال أصحابه: وابن الزبير، رَوَى هذا الحديثَ، وفَهِمَ منه أنه لا تُحرّم الثلاث أيضًا، وأفتى به. وذكروا عن ابن مسعود، وأبي موسى، وسليمان بن يسار، وغيرهم أنهم قالوا: إنما يُحرّم من الرضاع ما أنبت اللحم والدم، وأنشز العظم، وفتق الأمعاء. وعن أبي هريرة