للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وإنما همّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بالنهي عن الغِيلة لما أكثرت العرب من اتقاء ذلك، والتحدّث بضرره، حتى قالوا: إنه ليدرك الفارس، فيُدعثره عن فرسه. قال: ثم لما حصل عند النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه لا يضرّ أولاد العجم سوّى بينهم، وبين العرب في هذا المعنى، فسوّغه، فيكون حجة لمن قال من الأصوليين: إن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -كان يحكم بالرأي والاجتهاد. انتهى كلام القرطبيّ باختصار (١).

(حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ فَارِسَ) لقب قبيلة، ليس باب ولا أمّ، وإنما هم أخلاط من تَغْلِب اصطلحوا على هذا الاسم (وَالرُّومَ) بضم الراء نسبة إلى روم بن عيصو بن إسحاق (يَصْنَعُهُ) أي يصنع المذكور من الغيلة (وَقَالَ إِسْحَاقُ) أي ابن منصور، أحد شيخيه (يَصْنَعُونَهُ) أي بلفظ الفعل المسند إلى واو الجماعة. وفي رواية مسلم: "يُغِيلون" بضمّ الياء "فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ) وفي رواية لمسلم: "فنظرت في الروم، وفارس، فإذا هم يُغيلون أولادهم، فلا يضُرّ أولادهم ذلك شيئًا".

قال الحافظ أبو عمر: هذا يردّ كلّ ما قاله الأخفش، وحكاه عن العرب، وذلك من أكاذيب العرب، وظنونهم، ولو كان ذلك حقًّا لنهى عنه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - على جهة الإرشاد والأدب، فإنه كان - صلى اللَّه عليه وسلم - حريصًا على نفع المؤمنين رؤوفًا بهم، وما ترك شيئًا ينفعهم إلا دلّهم عليه، وأمره به - صلى اللَّه عليه وسلم -. انتهى (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث جُدامة بنت وهب - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا أخرجه مسلم.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٥٤/ ٣٣٢٧ - وفي "الكبرى" ٥٤/ ٥٤٨٥. وأخرجه (م) في "النكاح" ١٤٤٢ (د) في "الطبّ" ٣٨٨٢ (ت) في "الطب" ٢٠٧٦ (ق) في "النكاح" ٢٠١١ (أحمد) في "باقي مسند الأنصار" ٢٦٤٩٤ و"مسند القبائل" ٢٦٩٠١ (الموطأ) في "الرضاع" ١٢٩٢ (الدارمي) في "النكاح" ٢٢١٧. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان حكم الغِيلة، وهو الجواز،


(١) "المفهم" ٤/ ١٧٤ - ١٧٥.
(٢) "الاستذكار" ١٨/ ٢٨٢ - ٢٨٣.