للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): قوله: "يوم خيبر" الظاهر أنه ظرفٌ للأمرين: للنهي عن المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية. وحكى البيهقيّ عن الحميديّ أن سفيان بن عيينة كان يقول: قوله: "يوم خيبر" يتعلّق بالحمر الأهليّة، لا بالمتعة، قال البيهقيّ: وما قاله محتملٌ- يعني في روايته هذه، وأما غيره فصرّح أن الظرف يتعلّق بالمتعة. وفي رواية للبخاريّ من طريق مالك بلفظ: "نهى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يوم خيبر عن متعة النساء، وعن لحوم الحمر الأهلية"، وهكذا أخرجه مسلم من رواية ابن عيينة أيضًا. وفي رواية عبيد اللَّه بن عمر، عن الزهريّ عند البخاريّ في "ترك الحيل": "أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - نهى عنها يوم خيبر"، وكذا أخرجه مسلم، وزاد من طريقه: "فقال: مَهْلًا يا ابن عباس"، ولأحمد من طريق معمر بسنده أنه "بلغه أن ابن عباس رخّص في متعة النساء، فقاله: إن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهليّة"، وأخرجه مسلم من رواية يونس بن يزيد، عن الزهريّ، مثل رواية مالك، والدارقطنيّ من طريق ابن وهب، عن مالك، ويونس، وأسامة بن زيد ثلاثتهم، عن الزهريّ كذلك. وذكر السهيليّ أنّ ابن عيينة رواه عن الزهريّ بلفظ: "نهى عن أكل الحمر الأهليّة عام خيبر، وعن المتعة بعد ذلك، أو في غير ذلك اليوم".

قال الحافظ؛ وهذا اللفظ الذي ذكره لم أره من رواية ابن عيينة، فقد أخرجه أحمد، وابن أبي عمر، والحميديّ، وإسحاق في مسانيدهم عن ابن عيينة باللفظ الذي أخرجه البخاريّ من طريقه، لكن منهم من زاد لفظ "نكاح"، كما بيّنته. وكذا أخرجه الإسماعيليّ من طريق عثمان بن أبي شيبة، وإبراهيم بن موسى، والعباس بن الوليد. وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد اللَّه بن نُمير، وزُهير بن حرب جميعًا عن ابن عيينة بمثل لفظ مالك، وكذا أخرجه سعيد بن منصور، عن ابن عيينة، لكن قال: "زمن" بدل "يوم"، قال السهيليّ: ويتّصل بهذا الحديث تنبيه على إشكال؛ لأن فيه النهي عن نكاح المتعة يوم خيبر، وهذا شيء لا يعرفه أحدٌ من أهل السير، ورواةِ الأثر، قال: فالذي يظهر أنه وقع تقديم وتأخير في لفظ الزهريّ.

وهذا الذي قاله سبقه إليه غيره في النقل عن ابن عيينة، فذكر ابن عبد البرّ من طريق قاسم بن أصبغ أن الحميديّ ذكر عن ابن عيينة أن النهي زمن خيبر عن لحوم الحمر الأهليّة، وأما المتعة فكان في غير يوم خيبر، قال: ثم راجعت "مسند الحميديّ" من طريق قاسم بن أصبغ، عن أبي إسماعيل السلمي عنه، فقال بعد سياق الحديث: "قال ابن عُيينة: يعني أنه نهى عن لحوم الحمر الأهليّة زمن خيبر، ولا يعني نكاح المتعة".