سبيلها". وهو حديث سبرة المذكور في هذا الباب بعد هذا.
وقال الخطّابيّ: تحريم المتعة كالإجماع إلا عن بعض الشيعة، ولا يصحّ على قاعدتهم في الرجوع في المختلفات إلى عليّ، وآل بيته، فقد صحّ عن عليّ أنها نسخت.
ونقل البيهقيّ عن جعفر بن محمد أنه سُئل عن المتعة، فقال: "هي الزنا بعينه"، قال الخطّابيّ: ويُحكى عن ابن جُريج جوازها اهـ.
وقد نقل أبو عوانة في "صحيحة " عن ابن جُريج أنه رجع عنها بعد أن روى بالبصرة في إباحتها ثمانية عشر حديثًا.
وقال ابن دقيق العيد: ما حكاه بعض الحنفيّة عن مالك من الجواز خطأٌ، فقد بالغ المالكيّة في منع النكاح المؤقّت حتى أبطلوا توقيت الحلّ بسببه، فقالوا: لو علّق على وقت لا بُد من مجيئه وقع الطلاق الآن لأنه توقيت للحلّ، فيكون في معنى نكاح المتعة.
وقال عياض: وأجمعوا على أن شرط البطلان التصريح بالشرط، فلو نوى عند العقد أن يفارقها بعد مدّة صحّ نكاحه، إلا الأوزاعيّ، فأبطله. واختلفوا هل يُحدّ ناكح المتعة، أو يُعزّر؟ على قولين، مأخذهما أن الاتفاق بعد الخلاف، هل يرفع الخلاف المتقدِّم.
وقال القرطبيّ: الروايات كلّها متّفقةٌ على أن زمن إباحة المتعة لم يطُل، وأنه حُرِّم، ثم أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض. وجزم جماعة من الأئمة بتفرّد ابن عبّاس بإباحتها، فهي من المسألة المشهورة، وهي نُدرة المخالف، ولكن قال ابن عبد البرّ: أصحاب ابن عبّاس من أهل مكة واليمن على إباحتها، ثم اتفق فقهاء الأمصار على تحريمها.
وقال ابن حزم: ثبت على إباحتها بعد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ابن مسعود، ومعاوية، وأبو سعيد، وابن عباس، وسلمة، ومعبد ابنا أُميّة بن خلف، وجابر، وعمرو بن حريث، ورواه جابر عن جميع الصحابة مدّة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر، قال: ومن التابعين طاوس، وسعيد بن جُبير، وعطاء، وسائر فقهاء مكة.
قال الحافظ: وفي جميع ما أطلقه نظر:
أما ابن مسعود، فمستنده فيه الحديث الماضي في أوائل النكاح (١)، وقد بيّنت فيه ما
(١) هو ما أخرجه البخاريّ في "صحيحه" من طريق إسماعيل، عن قيس، قال: قال عبد اللَّه: كنا نغزو مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي؟، فنهانا عن ذلك، ثم رَخّصَ لنا أن ننكح المرأة بالثوب، ثم قرأ علينا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.