نقله الإسماعيليّ، من الزيادة فيه المصرّحة عنه بالتحريم، وقد أخرجه أبو عوانة من طريق أبي معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، وفي آخره:"ففعلناها، ثم تُرك ذلك".
وأما معاوية فأخرجه عبد الرزاق من طريق صفوان بن يعلي بن أميّة:"أخبرني يعلى أن معاوية استمتع بامرأة بالطائف"، وإسناده صحيح، لكن في رواية أبي الزبير عن جابر عند عبد الرزّاق أيضًا أن ذلك كان قديمًا، ولفظه:"استمتع معاوية مَقْدَمه الطائف بمولاة لبني الحضرميّ، يقال لها: معانة، قال جابر: ثم عاشت معانة إلى خلافة معاوية، فكان يرسل إليها بجائزة كلّ عام"، وقد كان معاوية متّبعا لعمر، مقتديًا به، فلا يُشكّ أنه عمل بقوله بعد النهي، ومن ثَمّ قال الطحاويّ: خطب عمر، فنهى عن المتعة، ونقل ذلك عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فلم يُنكر عليه ذلك منكر، وفي هذا دليلٌ على متابعتهم له على ما نهَى عنه. وأما أبو سعيد، فأخرج عبد الرزاق، عن ابن جُريج أن عطاءَ قال: أخبرني من شئتُ عن أبي سعيد، قال: لقد كان أحدنا يستمتع بملء القدح سَويقا. وهذا - مع كونه ضعيفًا؛ للجهل بأحد رواته- ليس فيه التصريح بأنه كان بعد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -.
وأما ابن عبّاس، فتقدّم النقل عنه، والاختلاف هل رجع، أو لا؟.
وأما سلمة، ومعبد، فقصّتهما واحدةٌ، اختُلف فيها، هل وقعت لهذا، أو لهذا، فروى عبد الرزّاق بسند صحيح، عن عمرو بن دينار، عن طاوسٍ، عن ابن عبّاس، قال:"لم يَرُعْ عمر إلا أمّ أراكة، قد خرجت حُبلى، فسألها عمر، فقالت: استمتع بي سلمة بن أميّة". وأخرج من طريق أبي الزبير، عن طاوس، فسمّاه معبد بن أُميّة.
وأما جابر، فمستنده قوله:"فعلناها"، وقد تقدّم بيانه، ووقع في رواية أبي نضرة، عن جابر عند مسلم:"فنهانا عمر، فلم نفعله بعدُ"، فإن كان قوله:"فعلنا" يعمّ جميع الصحابة، فقوله:"ثم لم نعُد" يعمّ جميع الصحابة، فيكون إجماعًا، وقد ظهر أن مستنده الأحاديث الصحيحة التي بيّنّاها.
وأما عمرو بن حُريث (١)، وكذا قوله:"رواه جابر عن جميع الصحابة، فعجيبٌ،
وإنما قال جابر: "فعلناها"، وذلك لا يقتضي تعميم جميع الصحابة، بل يصدُقُ على
فعل نفسه وحده.
وأما ما ذكره عن التابعين، فهو عند عبد الرزاق، عنهم بأسانيد صحيحة. وقد ثبت عن جابر عند مسلم: "فعلناها، مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ثم نهانا عمر، فلم نَعُد لها"، فهذا يردّ عدّه جابرًا فيمن ثبت على تحليلها. وقد اعترف ابن حزم مع ذلك بتحريمها؛ لثبوت