للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إنها حرامٌ إلى يوم القيامة"، قال: فأَمِنّا بهذا القولِ نسخَ التحريم. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: كلام الحافظ رحمه للَّه تعالى هذا تحريرٌ نفيسٌ جدًّا.

وخلاصة القول في مسألة نكاح المتعة أخذًا مما سبق من الأحاديث، وأقوال الأئمة من السلف، والخلف أنه نكاحٌ باطلٌ، ولا يوجد الآن من يقول بجوازه، ممن ينتسب إلى أهل السنّة، والجماعة، وإنما يخالف فيها بعض الرافضة، ولا عبرة بخلافهم.

والحاصل أن نكاح المرأة بشرط أن تمكث معه مدّةٌ معيّنة، لا يصحّ، وأما من نكح امرأة نكاحًا صحيحًا، ونوى أن لا يمكث معها إلا مدّة نواها صحّ نكاحه، على ما عليه جلّ أهل العلم، خلافًا للأوزاعيّ، كما ذكره ابن قُدامة في "المغني" (٢)، وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيميّة -رحمه اللَّه تعالى-كما في "مجموع الفتاوى": قال: هذا ليس بنكاح متعة، ولا يحرم، وذلك أنه قاصدٌ، وراغب فيه، ولكن لا يريد دوام المرأة معه، وهذا ليس بشرط، فإن دوام المرأة معه ليس بواجب، بل له أن يطلّقها، فإذا قصد أن يطلّقها بعد مدّة، فقد قصد أمرًا جائزًا، بخلاف نكاح المتعة، فإنه مثل الإجارة، تنقضي فيه بانقضاء المدّة، ولا ملك له عليها بعد انقضاء الأجل، وأما هذا فملكه ثابت مطلقٌ انتهى (٣).

والحاصل أن صورة المتعة المحرّمة هو نكاحٌ إلى أجل، ولا ميراث فيه، ولا طلاق، بل ينقضي بانقضاء الأجل من غير طلاق، ولا عدّةَ، فهذا نكاح متعة، حرّمه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأجمعوا على تحريمه، إلا الرافضة، وأما إذا نكح امرأةً نكاحًا صحيحًا، ولكن نوى أن يفارقها لمدة معيّنة شهرًا، أو نحو ذلك، فلا يسمّى متعةً، بل هو نكاحٌ صحيح، إلا عند الأوزاعيّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

٣٣٦٧ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ, وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ, قِرَاءَةً عَلَيْهِ, وَأَنَا أَسْمَعُ, وَاللَّفْظُ لَهُ, قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ الْقَاسِمِ, عَنْ مَالِكٍ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, وَالْحَسَنِ, ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ, عَنْ أَبِيهِ, مَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ, يَوْمَ خَيْبَرَ, وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ").

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح غير شيخه الحارث، وهو ثقة حافظ. و"ابن القاسم": هو عبد الرحمن العُتقيّ الفقيه المصريّ،


(١) "فتح" ١٠/ ٢١٦ - ٢١٨.
(٢) انظر "المغني" ٧/ ٥٧٣.
(٣) انظر "مجموع الفتاوى" ٣٢/ ١٤٧.