للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَأَنا سَاكِتَةٌ) جملة في محلّ نصب على الحال (فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أَيْ بُنَيَّةُ) "أَيْ" حرف نداء للقريب (أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَنْ أُحِبُّ؟ "، قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: "فَأَحِبِّي هَذِهِ") يريد عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - (فَقَامَتْ فَاطِمَةُ) - رضي اللَّه تعالى عنها - (حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ من رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَرَجَعَتْ إِلَى أَزوَاجِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -،فَأَخبَرَتُهُنَّ بِالَّذِي قَالَتْ) أي بما قالته فاطمة للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من قولها: إن أزواجك أرسلنني إليك الخ" (وَالَّذِي قَالَ لَهَا) أي الجواب الذي ردّه عليها، وهو قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ألست تحُبّين الخ" (فَقُلْنَ لَهَا: مَا نَرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ) أي لم تنفعينا بقضاء حاجتنا (فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي مرّةً أخرى (فَقُولِي لَهُ: إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ) -بفتح أوله، وضمّ الشين المعجمة-: أي يسألنك، كما تقدّم قريبًا، يقال: نَشَدتُ فلاتًا: إذا قلت له: نشدتك اللَّه، أي سألتك اللَّهَ، كأنك ذكّرته إياه. وفي رواية: "يناشدنك اللَّه العدل" أي يسألنك باللَّه العدل (في ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ) أبو قُحافة: هو والد أبي بكر - رضي اللَّه تعالى عنهما -، وفي نسبتها إلى جدها، وإن كان صحيحًا سائغًا، إلا أن فيه نوع غَضَّ منها؛ لنقص رتبته بالنسبة إلى أبيها الصدّيق، لا سيّما إن كان ذلك قبل إسلام أبي قُحافة - رضي اللَّه تعالى عنهم -. قاله وليّ الدين (١) (قَالَتْ فَاطِمَةُ) - رضي اللَّه تعالى عنها - (لَا وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَدًا) "لا" الثانية مؤكّدة للأولى، كُرّرت للفصل بينها وبين الفعل بالقسم (قَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي اللَّه تعالى - عنها (فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ) - رضي اللَّه تعالى عنها - (إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي) أي تطاولني، وترافعني، وهو مأخوذٌ من السّمُوّ، وهو العلوّ والرفعة. تعني أنها كانت تتعاطى أن يكون لها من الْحُظوة والمنزلة عند رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - مثلُ ما كان لعائشة عنده. وقيل: إنه مأخوذٌ من قولهم: سامه حظّه خسفٌ، أي كلّفه ما يَشُقّ عليه، ويُذلّه. وفيه بُعْدٌ من جهة اللسان والمعنى. قاله أبو العباس القرطبيّ (٢) (من أَزْوَاج النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم - فِي المنزِلَةِ، عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَلَمْ أَرَ امْرَأَة قَطُّ، خَيْرًا فِي الدِّين مِنْ زَيْنَبَ، وَأَتْقَى للَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمْ، وَأَعْظَمَ صَدَقَة، وَأَشَدَّ ابْتِذَالاً لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ) الابتذال مصدر ابتذل، من البِذْلة، وهي الامتهان بالعمل والخِدْمة،

(الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ، وَتَقَرَّبُ بِهِ) بحذف إحدى التاءين من الفعلين، أي تتصدّق به على الفقراء والمساكين، وتتقرّب به إلى اللَّه تعالى، فكانت زينب - رضي اللَّه تعالى عنها - تعمل بيديها عمل النساء، من الغزل، والنسج، وغير ذلك، مما جرت به عادة النساء بعمله،


(١) "طرح" ٧/ ٥١.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٢٥.