كناية، هل يكون الخلع طلاقًا أو فسخًا؟، وكذلك ليس فيه التصريح بأن الخلع وقع قبل الطلاق، أو بالعكس. نعم في رواية خالد الحذاء المرسلة المتقدّمة في رواية البخاريّ:"فردّتها، وأمره، فطلّقها"، وليس صريحًا في تقديم العطيّة على الأمر بالطلاق، بل يحتمل أيضًا أن يكون المراد إن أعطتك طلّقها، وليس فيه أيضًا التصريح بوقوع صيغة الخلع. ووقع في مرسل أبي الزبير عند الدارقطنيّ:"فأخذها له، وخلّى سبيلها". وفي حديث حبيبة بنت سهل:"فأخذها منها، وجلست في أهلها"، لكن في معظم الروايات في الباب تسميته خلعًا، ففي رواية عمرو بن مسلم، عن عكرمة، عن ابن عبّاس:"أنها اختلعت من زوجها". أخرجه أبو داود، والترمذيّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٣٤/ ٣٤٩٠ - وفي "الكبرى" - ٣٥/ ٥٦٥٧. وأخرجه (خ) في "الطلاق" ٥٢٧٣ و٥٢٧٧ و ٥٢٧٧ (ق) في "الطلاق" ٢٠٥٦. واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: أخرج الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- هذا الحديث عن أزهر بن جميل شيخ النسائيّ، بسنده، وقال بعده:"لا يُتابع فيه عن ابن عبّاس". قال في "الفتح": أي لا يتابع أزهر بن جميل على ذكر ابن عبّاس في هذا الحديث، بل أرسله غيره، ومراده بذلك خصوص طريق خالد الحذّاء، عن عكرمة، ولهذا عقّبه برواية خالد بن عبد اللَّه الطحان، عن خالد الحذّاء، عن عكرمة، مرسلاً، ثم برواية إبراهيم بن طهمان، عن خالد الحذّاء، مرسلاً، وعن أيوب موصولاً، ورواية إبراهيم بن طهمان، عن أيوب الموصولة، وصلها الإسماعيليّ.
قال: ثم أشار البخاريّ إلى أنه اختُلف على أيوب أيضًا في وصل الخبر، وإرساله، فاتّفق إبراهيم بن طهمان، وجرير بن حازم على وصله، وخالفهما حمّاد بن زيد، فقال:"عن أيوب، عن عكرمة" مرسلاً.
ويؤخذ من إخراج البخاريّ هذا الحديث في "الصحيح" فوائد: (منها): أن الأكثر إذا وصلوا، وأرسل الأقلّ قُدّم الواصل، ولو كان الذي أرسل أحفظ، ولا يلزم منه أنه تُقدّم رواية الواصل على المرسل دائمًا. (ومنها): أن الراوي إذا لم يكن في الدرجة العليا من الضبط، ووافقه من هو مثله، اعتضَدَ، وقاومت الروايتان رواية الضابط المتقن.