للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ومنها): أن أحاديث "الصحيح" متفاوتة المرتبة إلى صحيح، وأصحّ انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان ما جاء في الخلع.

(ومنها): أن الشقاق إذا حصل من قبل المرأة فقط جاز الخلع والفدية، ولا يتقيّد ذلك بوجوده منهما جميعًا. (ومنها): مشروعيّة الخلع، إذا كرهت المرأة عِشرة الرجل، ولو لم يكرهها هو، ولم ير منها ما يقتضي فراقها. وهو قول الجمهور. وخالف في ذلك أبو قلابة، ومحمد بن سيرين، فقالا: لا يجوز له أخذ الفدية منها إلا أن يرى على بطنها رجلاً. وسيأتي تحقيق الخلاف قريبًا، إن شاء اللَّه تعالىء (ومنها): أن فيه أن المرأة إذا سألت زوجها الطلاق على مال، فطلّقها وقع الطلاق. (ومنها): أن الفدية لا تكون إلا بما أعطى الرجل المرأة، عينًا، أو قدرًا؛ لقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أتردّين عليه حديقته"، وسيأتي قريبًا اختلاف العلماء في ذلك، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): أن الخلع جائز في الحيض؛ لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يستفصلها، أحائض هي أم لا؟، وفيه الخلاف بين العلماء أيضًا، سيأتي بيانه قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): أن الأخبار الواردة في ترهيب المرأة من طلب طلاق زوجها محمولة على إذا لم يكن هناك سبب يقتضي ذلك، كحديث ثوبان - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "أيّما امرأة سألت زوجها الطلاق، فحرام عليها رائحة الجنّة". رواه أصحاب السنن، وصححه ابن خزيمة، وابن حبّان. ويدلّ على تخصيصه قوله في بعض طرقه: "من غير ما بأس"، وكحديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - المتقدِّم في هذا الباب: "المنتزعات، والمختلعات هنّ المنافقات". (ومنها): أن الصحابيّ إذا أفتى بخلاف ما روى أن المعتبر ما رواه، لا ما رآه؛ لأن ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - روى قصّة امرأة ثابت بن قيس الدّالّة على أن الخلع طلاقٌ، وكان يُفتي بأن الخلع ليس بطلاق. لكن ادّعى ابن عبد البرّ شذوذ ذلك عن ابن عبّاس، إذ لا يُعرف له أحد نقل عنه أنه فسخٌ، وليس بطلاق إلا طاوسٌ. قال الحافظ: وفيه نظر؛ لأن طاوسًا ثقة حافظ فقيهٌ، فلا يضره تفرّده، وقد تلقّى العلماء ذلك بالقبول، ولا أعلم من ذكر الاختلاف في المسألة إلا جزم أن ابن عبّاس كان يراه فسخًا. نعم أخرج إسماعيل القاضي بسند صحيحٍ عن ابن أبي نجيح أن طاوسًا لما قال: إن الخلع ليس بطلاق أنكره عليه أهل مكة، فاعتذر، وقال: إنما قاله ابن عبّاس. قال إسماعيل: لا نعلم أحدًا قاله غيره اهـ.


(١) "فتح" ١٠/ ٥٠٣ - ٥٠٤. "كتاب الطلاق".