للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَصَارَتْ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ) الضمير للملاعنة المفهومة من "تلاعنا"، أي صارت الملاعنة على الوجه المذكور طريقة شرعها اللَّه تعالى لكلّ من أتى بعدهما ممن عليه التلاعن.

وفي رواية البخاريّ: "قال ابن شهاب: فكانت سنّة المتلاعنين"، قال في "الفتح":

زاد أبو داود عن القعنبيّ، عن مالك: "فكانت تلك"، وهي إشارة إلى الفرقة. وفي رواية ابن جريج: "فطلّقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حين فرغا من التلاعن، ففارقها عند النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: ذلك تفريق بين كلّ متلاعنين". كذا للمستملي، وللباقين: "فكان ذلك تفريقًا"، وللكشميهني: "فصار" بدل "فكان". وأخرجه مسلم من طريق ابن جريج بلفظ: "فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: ذلك التفريق بين كلّ متلاعنين". وهو يؤيّد رواية المستملي. ومن طريق يونس، عن ابن شهاب: قال بمثل حديث مالك. قال مسلم: لكن أدرج قوله: "وكان فراقه إياها بعدُ سنّة بين المتلاعنين". وكذا ذكر الدارقطنيّ في "غرائب مالك" اختلاف الرواة على ابن شهاب، ثم على مالك في تعيين من قال: "فكان فراقها سنة"، هل هو من قول سهل، أو من قول ابن شهاب، وذكر ذلك الشافعيّ، وأشار إلى أن نسبته إلى ابن شهاب لا تمنع نسبته إلى سهل. ويؤيّده ما وقع عند أبي داود من طريق عياض بن عبد اللَّه الفهريّ، عن ابن شهاب، عن سهل، قالك "فطلّقها ثلاث تطليقات عند رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأنفذه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وكان ما صنع عند رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - سنّة"، قال: سهل: "حضرت هذا عند رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فمضت السنّة بعد في المتلاعنين أن يفرّق بينهما، ثم لا يجتمعان أبدًا".

فقوله: "فمضت السنّة" ظاهر في أنه من تمام قول سهل. ويحتمل أنه من قول ابن شهاب، ويؤيّده أن ابن جريج -كما عند البخاريّ- أورد قول ابن شهاب في ذلك بعد ذكر حديث سهل، فقال -بعد قوله: "ذلك تفريق بين كلّ متلاعنين" -: قال ابن جريج: قال ابن شهاب: كانت السنة بعدهما أن يفرّق بين المتلاعنين.

قال الحافظ: ثم وجدت في نسخة الصغانيّ في آخر الحديث: "قال أبو عبد اللَّه: قوله: ذلك تفريق بين المتلاعنين، من قول الزهريّ، وليس من الحديث انتهى. وهو خلاف ظاهرسياق ابن جريج، فكأن البخاريّ رأى أنه مدرجٌ فنبّه عليه. انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "فتح" ١٠/ ٥٦٦ - ٥٦٧.