للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُجاب؛ لأن الحصر المذكور لم يتغيّر منه إلا زيادة مشروعيّة اللعان. (ومنها): جواز ذكر الأوصاف المذمومة عند الضرورة الداعية إلى ذلك، ولا يكون ذلك من الغيبة المحرمة. (ومنها): أن الحكم يتعلّق بالظاهر، وأمر السرائر موكول إلى اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-. (ومنها): ما قال ابن التين: وبه احتجّ الشافعيّ على قبول توبة الزنديق. وفيه نظر؛ لأن الحكم يتعلّق بالظاهر فيما لا يتعلّق فيه حكم الباطن، والزنديق قد علم باطنه بما تقدّم، فلا يقبل منه ظاهر ما يبديه بعد ذلك. قال الحافظ: كذا قال، وحجة الشافعيّ ظاهرة؛ لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قد تحقّق أن أحدهما كاذب، وكان قادرًا على الاطلاع على عين الكاذب، لكن أخبر أن الحكم بظاهر الشرع يقتضي أنه لا ينقب عن البواطن، وقد لاحت القرائن بتعيين الكاذب في المتلاعنين، ومع ذلك فأجراهما على حكم الظاهر، ولم يُعاقب المرأة. (ومنها): أنه يستفاد منه أن الحاكم لا يكتفي بالمظنّة، والإشارة في الحدود، إذا خالفت الحكم الظاهر، كيمين المدّعَى عليه، إذا أنكر، ولا بيّنة. (ومنها): أن الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى- استدلّ به على إبطال الاستحسان؛ لقوله: "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن". (ومنها): أن الحاكم إذا بذل وسعه، واستوفى الشرائط لا ينقض حكمه إلا إن ظهر عليه إخلال شرط، أو تفريق في سبب. (ومنها): أن اللعان يُشرع في كلّ امرأة دخل بها، أو لم يدخل، ونقل فيه ابن المنذر الإجماع. وفي صداق غير المدخول بها خلاف للحنابلة، والمشهور أن لها نصف المهر؛ لأنها فُرقة منه، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومالك. وفي رواية لا صداق لها؛ لأن الفرقة حصلت بلعانهما جميعًا، فأشبه الفرقة بعيب في أحدهما (١). (ومنها): أنه لو نكح فاسدًا، أو طلّق بائنًا، فولدت، فأراد نفي الولد، فله الملاعنة. وقال أبو حنيفة: يلحقه الولد، ولا نفي، ولا لعان؛ لأنها أجنبيّة. وكذا لو قذفها، ثم أبانها بثلاث فله اللعان. وقال أبو حنيفة: لا. وقد أخرج ابن أبي شيبة عن هُشيم، عن مغيرة، قال الشعبيّ: إذا طلّقها ثلاثًا، فوضعت، فانتفى منه، فله أن يلاعن. فقال له الحارث: إن اللَّه يقول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية، أفتراها زوجة؟ فقال الشعبيّ: إني لأستحيي من اللَّه إذا رأيت الحقّ أن لا أرجع إليه. فلو التعن ثلاث مرّات فقط، فالتعنت المرأة مثله، ففرق الحاكم بينهما لم تقع الفرقة عند الجمهور؛ لأن ظاهر القرآن أن الحدّ وجب عليهما، وأنه لا يندفع إلا بما ذكر، فتعيّن الإتيان بجميعه. وقال أبو حنيفة: أخطأ السنّة، وتحصل الفرقة؛ لأنه أُتي بالأكثر، فتعلّق به الحكم. ومذهب الجمهور أصحّ. (ومنها): أنه استُدلّ به على أن


(١) "المغني" ١١/ ١٢٤.