للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا مانع أن تتعدّد القصص، ويتّحد النزول. وروى البزّار من طريق زيد بن يُثيع، عن حذفة - رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لأبي بكر: لو رأيت مع أم رومان رجلاً ما كنت فاعلاً به؟ قال: كنت فاعلاً به شرًّا. قال: فأنت يا عمر؟ قال: أقول: لعن اللَّه الأبعد، قال: فنزلت". ويحتمل أن النزول سبق بسبب هلال، فلما جاء عويمر، ولم يكن علم بما وقع لهلال أعلمه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بالحكم، ولهذا قال في قصّة هلال: "فنزل جبريل وفي قصّة عويمر: "قد أنزل اللَّه فيك فيؤوّل قوله: "قد أنزل اللَّه فيك"، أي وفيمن كان مثلك. وبهذا أجاب ابن الصبّاغ في "الشامل قال: نزلت الآية في هلال، وأما قوله لعويمر: "قد نزل فيك وفي صاحبتك"، فمعناه ما نزل في قصّة هلال. ويؤيّده أن في حديث أنس عند أبي يعلى قال: "أول لعان كان في الإسلام أن شريك بن سحماء قذفه هلال بن أميّة بامرأته … " الحديث.

وجنح القرطبيّ إلى تجويز نزول الآية مرّتين، قال: وهذه الاحتمالات، وإن بعدت أولى من تغليط الرواة الحفّاظ.

وقد أنكر جماعة ذكر هلال فيمن لاعن، قال القرطبيّ: أنكره أبو عبد اللَّه بن أبي صفرة، أخو المهلّب، وقال: هو خطأ، والصحيح أنه عويمر. وسبقه إلى نحو ذلك الطبريّ. وقال ابن العربيّ: قال الناس: هو وَهَمٌ من هشام بن حسّان، وعليه دار حديث ابن عبّاس، وأنس بذلك. وقال عياضٌ في "المشارق": كذا جاء من رواية هشام بن حسّان، ولم يقله غيره، وإنما القصّة لعويمر العجلانيّ، قال: ولكن وقع في "المدوّنة" في حديث العجلانيّ ذكر شريك. وقال النوويّ في "مبهماته": اختلفوا في الملاعن على ثلاثة أقوال: عويمر العجلانيّ، وهلال بن أُميّة، وعاصم بن عديّ. ثم نقل عن الواحديّ أن أظهر هذه الأقوال أنه عويمر.

قال الحافظ: وكلام الجميع مُتعقَّبٌ، أما قول ابن أبي صفرة، فدعوى مجرّدة، وكيف يجزم بخطأ حديث ثابت في "الصحيحين" مع إمكان الجمع؟، وما نسبه إلى الطبريّ لم أره في كلامه.

وأما قول ابن العربيّ: إن ذكر هلال دار على هشام بن حسّان، وكذا جزم عياض بأنه لم يقله غيره، فمردود؛ لأن هشام بن حسّان لم ينفرد به، فقد رواه عبّاد بن منصور، كما قدّمته، وكذا جزم جرير بن حازم، عن أيوب، أخرجه الطبريّ، وابن مردويه، موصولاً، قال: "لَمّا قذف هلال بن أميّة امرأته".

وأما قول النوويّ تبعًا للواحديّ، وجنوحه إلى الترجيح فمرجوح؛ لأن الجمع مع