للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التي زنى بها، وبنتها، وزاد الشافعيّ، ووافقه ابن الماجشون: والبنت التي تلدها المزنيّ بها، ولو عرفت أنها منه. قال النوويّ: وهذا احتجاج باطلٌ؛ لأنه على تقدير أن يكون من الزنا، فهو أجنبيّ من سودة لا يحلّ لها أن تظهر له سواء ألحق بالزاني، أم لا، فلا تعلّق له بمساْلة البنت المخلوقة من الزنا. كذا قال، وهو ردّ للفرع بردّ الأصل، وإلا فالبناء الذي بنوه صحيحٌ. وقد أجاب الشافعيّة عنه بما تقدّم أن الأمر بالاحتجاب للاحتياط، ويحمل الأمر في ذلك إما على الندب، وإما على تخصيص أمهات المؤمنين بذلك، فعلى تقدير الندب، فالشافعيّ قائل به في المخلوقة من ماء الزنا، فيُجيز عند فقد الشبه، ويمنع عند وجوده. قاله في "الفتح".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذهب إليه مالك والشافعيّ من أنه لا أثر لوطء الزنا هو الراجح عندي، وقد صح عن عليّ وابن عبّاس وغيرهما أنهم قالوا: إن الحرام لا يُحَرِّمُ الحلال (١)، وأما أمره - صلى اللَّه عليه وسلم - سودة - رضي اللَّه عنه - بالاحتجاب فمن باب الاحتياط، ولأن أمهات المؤمنين - رضي اللَّه عنهن - لسن كغيرهن، فيشدد عليهن ما لا يشدد على غيرهنّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٥١٢ - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ, عَنْ مَنْصُورٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ, مَوْلًى لَهُمْ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ, قَالَ: كَانَتْ لِزَمْعَةَ جَارِيَةٌ, يَطَؤُهَا هُوَ, وَكَانَ يَظُنُّ بِآخَرَ, يَقَعُ عَلَيْهَا, فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ شِبْهِ الَّذِي كَانَ يَظُنُّ بِهِ, فَمَاتَ زَمْعَةُ, وَهِيَ حُبْلَى, فَذَكَرَتْ ذَلِكَ سَوْدَةُ لِرَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ, وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ, فَلَيْسَ لَكِ بِأَخٍ»)

قال الجامع عَفا اللَّه تعالى عنه: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح غير يوسف بن الزبير كما سيأتي، و"إسحاق بن إبراهيم": هو ابن راهويه. و" جرير": هو ابن عبد الحميد. و"منصور": هو ابن المعتمر. و"مجاهد": هو ابن جبر.

و"يوسف بن الزبير" المكيّ، مولى آل الزبير، وقلبه بعضهم، مقبول [٣] ١٠/ ٢٦٣٨، من أفراد المصنّف.

وقوله: "مولى لهم" هكذا نسخ "المجتبى"، و"الكبرى" "لهم" بالضمير، وكان الأولى أن يقول: "مولى آل الزبير"، كما في كتب الرجال؛ إذ لم يسبق مرجع للضمير، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "يطؤها" وفي نسخة: "يتّطئها"، وهو افتعال، من الوطء، وأصله: يوتطئها،


(١) راجع "صحيح البخاري" في "كتاب النكاح" جـ١٠ ص١٩٦ - ١٩٧ بنسخة "فتح الباري".