للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خسرا، وأقرب تعويض أن يقدّر بالدية الكاملة، فعليه ثلثاها لزميليه، وأظنّ أن هذا تعليلٌ جيّد، أو قريبٌ من الجيّد، وأما ما كان فعلينا أن نقبل الحكم الثابت بالسنة "الصحيحة" وإن عجزنا عن فهم الوجه الذي يوجّه به انتهى كلام أحمد شاكر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله العلامة أحمد محمد شاكر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- حسنٌ جدًّا، غير قوله: "بدليل صحيح، أو راجح"، كيف يقول: هذا، والحديث الذي معنا صحيح، وقد أثبت نسب هذا الولد بالقرعة، فأيّ دليل صحيح، يريد غير هذا؟.

ثم هذا الذي قاله سيأتي أن ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى- هو الذي مشى عليه في "زاد المعاد"، ولم يذكر ما ذكره في "تهذيب السنن" أصلاً.

والحاصل أن المعنى الصحيح للحديث أن عليًّا - رضي اللَّه عنه - أغرم من خرجت له القرعة بالولد ثلثي قيمته لصاحبيه، ولا إشكال على هذا المعنى، على ما سبق توجيهه آنفًا. واللَّه تعالى أعلم.

(فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ) وفي نسخة: "لرسول اللَّه" (- صلى اللَّه عليه وسلم -، فَضَحِكَ) أي فرحًا، وسرورًا بتوفيق اللَّه تعالى عليًّا - رضي اللَّه عنه - للصواب في هذه القضية، ولهذا قرّره على ذلك، أو تعجّبًا مما كان عليه الحال، والأول أظهر (حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) بالذال المعجمة جمع ناجذ. قال الفيّوميّ: الناجذ: السنّ بين الضِّرْس والناب، و"ضَحِكَ حتى بدت نواجده"، قال ثعلبٌ: المراد الأنياب. وقيل: الناجذ: آخر الأضراس، وهو ضِرْسُ الْحُلُم؛ لأنه ينبت بعد البلوغ، وكمال العقل. وقيل: الأضراس كلها نواجذ، قال في البارع: وتكون النواجذ للإنسان، والحافر، وهي من ذوات الخفّ الأنياب انتهى (٢).

وقال في "النهاية": النواجذ من الأسنان: الضواحك، وهي التي تبدو عند الضحك.

والأكثر الأشهر أنها أقصى الأسنان. والمراد الأول؛ لأنه ما كان يبلغ به الضحك إلى أن تبدو أواخر أضراسه، كيف؟ وقد جاء في صفة ضحكه: "جلّ ضحكه التبسّم"، وإن أريد به الأواخر فالوجه فيه أن يراد به مبالغة مثلِهِ في ضَحِكِه، من غير أن يراد ظهور نواجده في الضحك، وهو أقيس القولين؛ لاشتهار النواجذ بأواخر الأسنان انتهى (٣). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) انظر ما كتبه أحمد محمد شاكر على هامش "تهذيب السنن" لابن القيّم -رحمهما اللَّه تعالى- ٣/ ١٧٨.
(٢) "المصباح المنير".
(٣) "النهاية في غريب الحديث" ٥/ ٢٠.