للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وضع الحامل هو الحمل التامّ المتخلّق، وأما خروج المضغة، أو العلقة، فهو نادرٌ، والحمل على الغالب أقوى، ولهذا نُقل عن الشافعيّ قولٌ بأن العدّة لا تنقضي بوضع قطعة لحم، ليس فيها صورةٌ بيّنة، ولا خفيّة. وأجيب عن الجمهور بأن المقصود في انقضاء العدّة براءة الرحم، وهو حاصلٌ بخروج المضغة، أو العلّقَة، بخلاف أم الولد، فإن المقصود منها الولادة، وما لا يصدق عليه أنه أصل آدميّ، لا يُقال فيه: ولدت. وسيأتي مزيد بسط في هذا في المسألة الخامسة، إن شاء اللَّه تعالى.

(ومنها): جواز تجمّل المرأة بعد انقضاء عدّتها لمن يخطبها؛ لأن في رواية الزهريّ الآتية: "فقال: ما لي أراك متجمّلةً"، وفي رواية ابن إسحاق: "فتهيّأت للنكاح، واختضبت"، وفي رواية معمر، عن الزهريّ، عند أحمد: "فلقيها أبو السنابل، وقد اكتحلت"، وفي رواية الأسود: "فتطيّبت، وتصنّعت".

(ومنها): أنه استُدلّ به على أن المرأة لا يجب عليها التزويج؛ لقولها في الخبر من طريق الزهريّ: "وأمرني بالتزويج إن بدالي".

(ومنها): أن الثيّب لا تزوّج إلا برضاها من ترضاه، ولا إجبار لأحد عليها، وقد تقدّم بيانه في بابه.

(ومنها): أنه استُدلّ بقولها في رواية ابن شهاب الآتية: "فأفتاني بأني حللت حين وضعت حملي" على أنه يجوز العقد عليها إذا وضعت، ولو لم تطهر من دم النفاس. وبه قال الجمهور، وإلى ذلك أشار ابن شهاب في آخر حديثه عند مسلم بقوله: "ولا أرى بأسًا أن تتزوّج حين وضعت، وإن كانت في دمها، غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر". وقال الشعبيّ، والحسن، والنخعيّ، وحماد بن سلمة: لا تنكح حتى تطهر.

قال القرطبيّ: وحديث سبيعة حجة عليهم، ولا حجة لهم في قوله في بعض طرقه: "فلما تعلّت من نفاسها"؛ لأن "تعلّت" وإن كان أصله طهرت من دم نفاسها، على ما حكاه الخليل، فيحتمل أن يكون المراد به هنا تعلّت من آلام نفاسها، أي استقلّت من أوجاعها، وتغييراته. ولو سُلّم أن معناه ما قاله الخليل، فلا حجة فيه أيضًا؛ لأنها حكاية واقعة سُبيعة، وإنما الحجة في قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إنها حلّتْ حين وضعتْ"، كما في حديث ابن شهاب المشار إليه سابقًا. وفي رواية معمر، عن الزهريّ: "حللتِ حين وضعتِ حملك"، وكذا أخرجه أحمد من حديث أُبيّ بن كعب - رضي اللَّه عنه -: "أن امرأته أم الطفيل قالت لعمر - رضي اللَّه عنه - قد أمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - سبيعة أن تنكح إذا وضعت".

وهو ظاهر القرآن في قوله تعالى: {أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، فعلّق الحلّ بحين الوضع، وقصره