للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهو ابن بَعْكَك -بموحّدة، ثم مهملة، ثم كافين، بوزن جعفر- ابن الحارث بن عَمِيلة -بفتح أوله- ابن السبّاق بن عبد الدار القرشيّ العبدريّ. وكذا نسبه ابن إسحاق. وقيل: هو ابن بعكك بن الحجاج بن الحارث بن السبّاق. نقل ذلك عن ابن الكلبيّ ابنُ عبد البرّ، قال: وكان من المؤلّفة، وسكن الكوفة، وكان شاعرًا. ونقل الترمذيّ، عن البخاريّ أنه قال: لا أعلم أن أبا السنابل عاش بعد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. كذا قال، لكن جزم ابن سعد أنه بقي بعد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - زمنًا. وقال ابن منده في "الصحابة" عداده في أهل الكوفة، وكذا قال أبو نعيم: إنه سكن الكوفة. وفيه نظر لأن خليفة قال: أقام بمكّة حتى مات، وتبعه ابن عبد البرّ. وقال ابن سعد: هو من مسلمة الفتح.

ويؤيّد كونه عاش بعد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قول ابن البرقيّ: إن أبا السنابل تزوّج سبيعة بعد ذلك، وأولدها سنابل بن أبي السنابل، ومقتضى ذلك أن يكون أبو السنابل عاش بعد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -؛ لأنه وقع في رواية عبد ربّه بن سعيد، عن أبي سلمة أنها تزوّجت الشابّ وكذا في رواية داود بن أبي عاصم أنها تزوّجت فتى من قومها، وتقدّم أن قصّتها كانت بعد حجة الوداع، فيحتاج -إن كان الشابّ دخل عليها، ثم طلّقها- إلى زمان الحمل، حتى تضع، وتلد سنابل حتى صار أبوه يكنى به أبا السنابل. وقد أفاد محمد بن وضّاح فيما حكاه ابن بشكوال وغيره عنه أن اسم الشابّ -الذي خطب سُبيعة هو وأبو السنابل، فآثرته على أبي السنابل- أبو البشر بن الحارث، وضبطه بكسر الموحّدة، وسكون المعجمة. وقد أخرج الترمذيّ، والنسائيّ (١) قصّة سُبيعة من رواية الأسود، عن أبي السنابل، بسند على شرط الشيخين إلى الأسود، وهو من كبار التابعين، من أصحاب ابن مسعود، ولم يوسف بالتدليس، فالحديث صحيح على شرط مسلم، لكن البخاريّ على قاعدته في اشتراط ثبوت اللقاء، ولو مرّةً، فلهذا قال ما نقله الترمذيّ. قاله في "الفتح" بزيادة من "الإصابة" (٢). واللَّه تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله عندهم رجال الصحيح، غير شيخه فقد تفرّد به هو، وأبو داود. (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين، غير شيخه، فإنه مصّيصيّ. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. واللَّه تعالى أعلم.


(١) هو هذا الذي نشرحه.
(٢) "الفتح"١٠/ ٥٩٢.