للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال السنديّ: بحذف همزة الاستفهام.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لم يظهر لي وجه الاستفهام هنا، بل كونه خبرًا هو الوجه، والمراد أنه جريء إن فعل ذلك، والغرض منه أنه لا يحصل منه الاجتراء. وفي رواية هشام، عن ابن سيرين، عند عبد بن حميد: "إني لحريص على الكذب".

(أَنْ أَكذِبَ عَلَى عَبْدِ اللْهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَهُوَ فِي نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ) هذا يُشعر بأن هذه القصّة وقعت له، وعبد اللَّه بن عتبة حيّ. وزاد في رواية البخاريّ: "فاستحيى، وقال: لكنّ عمّه لم يقل ذلك". يعني أن ابن أبي ليلى استحيى مما وقع منه، وقال: لكن عمه عبد اللَّه بن مسعود لم يقل: إنها تنقضي عدّتها بوضع حملها. قال في "الفتح": كذا نقل عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه، والمشهور عن ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - أنه كان يقول خلاف ما نقله ابن أبي ليلى، فلعلّه كان يقول ذلك، ثم رجع، أو وهم الناقل عنه انتهى (قَالَ) ابن سيرين (فَلَقِيتُ مَالِكًا) وفي رواية البخاريّ: فلقيت أبا عطية مالك بن عامر". قال في "الفتح": في رواية ابن عوف: "مالك بن عامر، أو مالك بن عوف" بالشك، والمحفوظ مالك بن عامر، وهو مشهور بكنيته أكثر من اسمه، والقائل هو ابن سيرين، كأنه استغرب ما نقله ابن أبي ليلى، عن ابن مسعود، فاستثبت فيه من غيره. ووقع في رواية هشام، عن ابن سيرين "فلم أدر ما قول ابن مسعود في ذلك، فسكتُّ، فلما قمتُ لقيت أبا عطيّة" (قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ ابْنُ مَسعُودٍ، يَقُولُ فِي شَأْنِ سُبَيْعَةَ؟، قَالَ) أي مالك ابن عامر أبو عطيّة. وفي رواية البخاريّ: "فلقيت أبا عطيّة مالك بن عامر، فسألته، فذهب يُحدّثني حديث سُبيعة، فقلت: هل سمعت عن عبد اللَّه فيها شيئًا؟، فقال: كنا عند عبد اللَّه، فقال: أتجعلون عليها التغليظ … (قَالَ) أي ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - (أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التغْلِيظَ) أي وهو أبعد الأجلين، وهذا إنكار من ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - لما نقل عنه ابن أبي ليلى، فعُلم أن ما نَقَل عنه ابن أبي ليلى غير ثابت.

وفي رواية أبي نعيم، من طريق الحارث بن عُمير، عن أيوب: "فقال أبو عطيّة: ذُكر ذلك عند ابن مسعود، فقال: أرأيتم لو مضت أربعة أشهر وعشر، ولم تضع جملها، كانت قد حلّت؟ قالوا: لا، قال: فتجعلون عليها التغليظ … " الحديث (وَلَا تَجْعَلُونَ لَهَا الرُّخْصَةَ) وفي رواية البخاريّ: "ولا تجعلون عليها الرخصة" بـ "على"، والأولى أوجه. ويمكن أن تُحمل هذه على المشاكلة، أي من الأخذ بما دلّت عليه آية سورة الطلاق. أفاده في "الفتح" (١) (لَأُنْزِلَتْ) جواب قسم محذوف، وقع بيانه في رواية


(١) "فتح" ٩/ ٦٥٣ "تفسير سورة الطلاق".