للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحارث بن عمير، بلفظ: "فواللَّه لقد نزلت" (سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى، بَعْدَ الطُّولَى) أي سورة الطلاق بعد سورة البقرة. والمراد بعضه، فمن البقرة قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، ومن الطلاق قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}.

ومراد ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - إن كان هناك نسخٌ، فالمتأخّر هو الناسخ، وإلا فالتحقيق أن لا نسخ هناك، بل عموم آية البقرة مخصوص بآية الطلاق.

وقد أخرج أبو داود، وابن أبي حاتم من طريق مسروق، قال: بلغ ابن مسعود أن عليًّا يقول: تعتدّ آخر الأجلين، فقال: "من شاء لاعنته أن التي في النساء القصرى أُنزلت بعد سورة البقرة، ثم قرأ: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ".

وعرف بهذا مراده بسورة النساء القصرى. وفيه جواز وصف السورة بذلك. وحكى ابن التين عن الداوديّ قال: لا أدري قوله: "القصرى" محفوظًا، ولا يقال في سور القرآن قُصرى، ولا صُغْرى انتهى. وهو ردّ للأخبار الثابتة بلا مستند، والقصر والطول أمر نسبيّ. وقد تقدّم في صفة الصلاة قول زيد بن ثابت: "طولى الطوليين"، وأنه أراد بذلك سورة الأعراف. قاله في "الفتح" (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه البخاريّ.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٥٦/ ٣٥٤٨ و ٣٥٤٩ و٣٥٥٠ - وفي "الكبرى" ٥٦/ ٥٧١٥ و ٥٧١٦ و ١٧١٧ وفي "التفسير" ١١٦٠٤ و١١٦٠٥. وأخرجه (خ) في "التفسير" ٤٥٣٢ و٤٩١ (د) ٢٣٠٧. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان عدّة الحامل المتوفّى عنها زوجها، وهو وضع حملها. (ومنها): ما كان عليه السلف من المناقشة العلمية؛ للتوصّل إلى الحقّ. (ومنها): تثبّت ابن سيرين في نقله، حيث إنه مع تأكده النقل عن عبد اللَّه بن عتبة، إلا أنه أراد التثبّت، فسأل مالك بن عامر عن مذهب ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -


(١) "فتح" ٩/ ٦٥٣ "تفسير سورة الطلاق".