للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زاد في رواية "الموطّإ": "قالت: فلما كان عثمان بن عفّان - رضي اللَّه عنه - أرسل إليّ، فسألني عن ذلك؟، فأخبرته، فأتبعه، وقضى به". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث الفارعة بنت مالك - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا صحيح.

[تنبيه]: ضعّف أبو محمد ابن حزم حديث الفريعة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا، وقال: هذا الحديث لا يثبت، فإن زينب هذه مجهولة، لم يرو حديثها غير سعد بن إسحاق بن كعب، وهو غير مشهور بالعدالة، ومالك -رحمه اللَّه تعالى- يقول فيه: سعد بن إسحاق، وسفيان يقول: سعيد.

فتعقبه ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى-، وأجاد في ذلك، حيث قال: وما قاله أبو محمد غير صحيح، فالحديث حديث صحيح مشهور في الحجاز، والعراق، وأدخله مالك في "موطئه"، واحتجّ به، وبنى عليه مذهبه.

وأما قوله: إن زينب بنت كعب مجهولة، فنعم مجهولة عنده، فكان ماذا؟، وزينب هذه من التابعيّات، وهي امرأة أبي سعيد، روى عنها سعد بن إسحاق بن كعب، وليس بسعيد، وقد ذكرها ابن حبّان في "كتاب الثقات"، والذي غرّ أبا محمد قولُ عليّ بن المدينيّ: لم يرو عنها غير سعد بن إسحاق. وقد روينا في "مسند الإمام أحمد": حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عُجرة، عن عمّته زينب بنت كعب بن عجرة، وكانت عند أبي سعيد الخدريّ، عن أبي سعيد - رضي اللَّه عنه -، قال: اشتكى الناس عليًّا - رضي اللَّه عنه -، فقام النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - خطيبًا، فسمعته يقول: "يا أيها الناس لا تَشْكُوا عليًّا، فواللَّه إنه لأخشن في ذات اللَّه، أو في سبيل اللَّه" (١).

فهذه امرأة تابعيّةٌ، كانت تحت صحابيّ، وروى عنها الثقات، ولم يُطعَن فيها بحرف، واحتجّ الأئمة بحديثها، وصححوه.

وأما قوله: إن سعد بن إسحاق غير مشهور بالعدالة، فقد قال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: ثقة. وقال النسائيّ، والدراقطني: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح. وذكره ابن حبان في "كتاب الثقات". وقد روى عنه الناس: حماد بن زيد، وسفيان


(١) رواه أحمد في "مسنده" ٣/ ٨٦. وسنده جيد، كما قال الحافظ في "تهذيب التهذيب".