للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن ما ادعوه من الإدراج في رواية شعبة لا يظهر لي وجهه، فإن أصل الحديث مرفوع، لا إدراج فيه، وإنما التفسير الواقع في رواية مالك بطوله من زينب - رضي اللَّه تعالى عنها -، فلا إدراج في رواية شعبة، وقد تقدّمت رواية شعبة، ونحوها رواية يحيى بن سعيد الأنصاريّ المذكورة، في -٥٥/ ٣٥٢٨ و ٣٥٢ - فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

(دَخَلَتْ حِفْشًا) بكسر الحاء المهملة، وسكون الفاء، بعدها شين معجمة-: سيأتي تفسيره

(وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسّ طِيبًا، وَلَا شَيْئًا، حَتَّى تَمُرَّ بِهَا) وفي رواية: "لها" (سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤتَى بِدَابَّةٍ) بالتنوين (حِمَارٍ) بالجرّ على البدل (أَوْ شَاةٍ، أَو طَيْرٍ) "أو" فيهما للتنويع، لا للشكّ، وإطلاق الدابّة على ما ذُكر هو بطريق الحقيقة اللغويّة، لا العرفيّة (فَتَفْتَضُّ بِهِ) بفاء، ثم مثنّاة، ثم ضاد معجمة مشدّدة، سيأتي تفسير مالك له قريبًا. والباء في "به" سببيّة. وجوّز الكرمانيّ أن تكون للتعدية، أو تكون زائدة، أي تفتضّ الطائر بأن تكسر بعض أعضائه انتهى. لكن يردّه ما يأتي من تفسير الافتضاض صريحًا (فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ، إِلاَّ مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ) بالبناء للفاعل، أي تخرج تلك المعتدّة من حفشها (فَتُعْطَى) بالبناء للمفعول (بَعْرَةً) بفتح الموحّدة، وسكون المهملة، ويجوز فتحها (فَتَرْمِي بِهَا) وفي رواية مطرّف، وابن الماجشون، عن مالك: "ترمي ببعرة من بعر الغنم، أو الإبل، فترمي بها أمامها، يكون ذلك إحلالاً لها"، وفي رواية ابن وهب: "فترمي ببعرة من بعر الغنم من وراء ظهرها"، ووقع في رواية شعبة المذكورة: "فإذا كان حول، فمرّ كلبٌ رمت ببعرة". وظاهره أن رميها البعرة يتوقّف على مرور الكلب، سواء طال زمن انتظار مروره، أم قصر، وبه جزم بعض الشرّاح. وقيل: ترمي بها من عرض، من كلب، أو غيره، ترمي من حضرها أن مقامها حولًا أهون عليها من بعرة ترمي بها كلبًا أو غيره.

وقال عياضٌ: يمكن الجمع بأن الكلب إذا مرّ افتضّت به، ثم رمت البعرة. قال الحافظ: ولا يخفى بعده، والزيادة من الثقة مقبولة، ولا سيّما إذا كان حافظًا، فإنه لا منافاة بين الروايتين حتى يحتاج إلى الجمع.

واختلف في المراد برمي البعرة، فقيل: هو إشارة إلى أنها رمت العدّة رمي البعرة. وقيل: إشارة إلى أن الفعل الذي فعلته من التربّص، والصبر على البلاء الذي كانت فيه لما انقضى، كان عندها بمنزلة البعرة التي رمتها؛ استحقارًا له، وتعظيمًا لحقّ زوجها. وقيل: بل ترميها على سبيل التفاؤل بعدم عودها إلى مثل ذلك. قاله في "الفتح".

(وَتُرَاجِعُ) بضمّ المثناة الفوقيّة، من المراجعة (بَعْدُ) أي بعد ما ذُكر من الافتضاض،