يقع في حال الصحّة، وقوّة الملك، وإمكان تلافي العدل بينهم بإعطاء الذي لم يُعطه فيما بعد ذلك؛ لما فيه من إيقاع العداوة، والحسد بينهم، فكون ذلك أشدّ في حال الموت، أو المرض، وضعف الملك، وتعلّق حقوق الغير به، وتعذّر تلافي العدل بينهم أحرى، وأولى.
وهذا مجمعٌ عليه فيما إذا لم يجزه الورثة، فإن أجازوا، ففيه اختلاف بين العلماء، سيأتي تحقيقه في المسألة الثالثة، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عمرو بن خارجة - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.
[تنبيه]: حديث: "لا وصيّة لوارث"، روي عن جماعة من الصحابة - رضي اللَّه عنهم -، منهم: عمرو بن خارجة، وأبو أمامة الباهليّ، وعبد اللَّه بن عبّاس، وأنس بن مالك، وعبد اللَّه ابن عمرو، وجابر بن عبد اللَّه، وعليّ بن أبي طالب، وعبد اللَّه بن عمر، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، - رضي اللَّه عنهم -.
قال في "الفتح": عند قول البخاريّ: "باب لا وصيّة لوارث": هذه الترجمة لفظ حديث مرفوع، كأنه لم يثبت على شرط البخاريّ، فترجم به كعادته، واستغنى بما يُعطي حكمه. وقد أخرجه أبو داود، والترمذيّ، وغيرهما من حديث أبي أمامة - صلى اللَّه عليه وسلم -: سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول في خطبته في حجة الوداع:"إن اللَّه قد أعطى كلَّ ذي حقّ حقّه، فلا وصيّة لوارث". وفي إسناده إسماعيل بن عياش، وقد قوّى حديثه عن الشاميين جماعة من الأئمة، منهم أحمد، والبخارقي. وهذا من روايته عن شُرحبيل بن مسلم، وهو شاميّ ثقة، وصرّح في روايته بالتحديث عند الترمذيّ، وقال الترمذيّ: حديث حسن. وفي الباب عن عمرو بن خارجة، عند الترمذيّ، والنسائيّ، وعن أنس عند ابن ماجه، وعن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدّه، عند الدارقطنيّ، وعن جابر عند الدارقطنيّ أيضًا، وقال: الصواب إرساله، وعن عليّ عند ابن أبي شيبة، ولا يخلو إسناد كلّ منها عن مقال، لكن مجموعها يقتضي أن للحديث أصلاً، بل جنح الشافعيّ في "الأمّ" إلى أن هذا المتن متواتر، فقال: وجدنا أهل الفتيا، ومن حفظنا عنهم من أهل العلم بالمغازي من قريش، وغيرهم، لا يختلفون في أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال عام الفتح:"لا وصيّة لوارث"، ويؤثرون عمن حفظوه عنه ممن لَقُوه من أهل العلم، فكان نقل كافّة، عن كافّة، فهو أقوى من نقل واحد. وقد نازع الفخر الرازيّ في كون هذا الحديث