للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أيضًا. وأقلّ من يُدفع إليه ثلاثة. وعن محمد اثنان. وعند أبي يوسف واحد. ولا يُصرف للأغنياء عندهم، إلا أن يشترط ذلك.

وقالت الشافعيّة: القريب من اجتمع في النسب، سواء قرب، أم بعُدَ، مسلمًا كان، أو كافرًا، غنيًّا كان، أو فقيرًا، ذكراً كان، أو أُنثى، وارثًا أو غير وارث، محرمًا، أو غير محرم.

واختلفوا في الأصول والفروع على وجهين، وقالوا: إن وجد جمعٌ محصورون أكثر من ثلاثة استوعبوا. وقيل: يُقتصر على ثلاثة، وإن كانوا غير محصووين، فنقل الطحاويّ الاتفاق على البطلان. وفيه نظر؛ لأن عند الشافعيّة وجهًا بالجواز، ويُصرف منهم لثلاثة، ولا تجب التسوية.

وقال أحمد في القرابة كالشافعيّ، إلا أنه أخرج الكافر، وفي رواية عنه القرابة من جمعه، والموصي الأب الرابع إلى ما هو أسفل منه.

وقال مالك: يختصّ بالعصبة، سواء كان يرثه أو لا، ويُبدأ بفقرائهم حتى يغنوا، ثم يُعطى الأغنياء. قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن ما ذهب إليه من قال بتعميم القرابة مطلقًا (٢)، أرجح؛ لأن أبا طلحة - رضي اللَّه عنه - لما قال له النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في وقفه بيرحاء: "اجعلها لفقراء قرابتك" جعلها لحسّان بن ثابت، وأبيّ بن كعب، وكان حسّان يجتمع معه في حرام بن عمرو، فأبو طلحة هو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة ابن عديّ بن عمرو بن مالك بن النجّار. وحسّان هو ابن ثابت بن المنذر بن حرام، فاجتمعا في حرام، وهو الأب الثالث. وأما أُبيّ، فهو ابن كعب بن قيس بن عُبيد بن بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجّار، فاجتمعا في عمرو بن مالك، وهو الأب السادس.

ووجه الاستدلال أنه لما أمره - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يجعل وقفه لفقراء قرابته جعلها لهما، ولم يقدّم حسّانًا على أبي، فدلّ على أن كلّ من اجتمع مع الموصي في جدّ، فهو أحقّ بالوصيّة، ومثله الوقف.

وهذا هو الذي دلّ عليه ظاهر ترجمة المصنّف، والبخاريّ -رحمهما اللَّه تعالى-، حيث استدلاّ على ذلك بتعميم النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - المذكور في حديث الباب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.


(١) "فتح" ٦/ ٣٣. "كتاب الوصايا".
(٢) لكن الكافر لا يدخل كما قال الإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى-.