حفظ ما لم يحفظ بعض، أو كان النعمان يقصّ بعض القصّة تارة، ويقصّ بعضها أخرى، فسمع كلٌّ ما رواه، فاقتصر عليه. واللَّه تعالى أعلم. انتهى (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن هذه التأويلات كلّها يظهر ليها التعسّف، والتكلّف، فالأولى أن تُجعل رواية الجماعة في أن ما وهبه غلام هي المحفوظة، ورواية الحديقة شاذّة. واللَّه تعالى أعلم.
(فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يُشهِدُهُ) بضم أوله، من الإشهاد (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (أَكُلَّ ولَدِكَ) زاد في رواية أبي حيّان: "فقال ألك ولد سواه؟ قال: نعم". وقال مسلم لَمّا رواه من طريق الزهريّ: أما يونس ومعمر، فقالا:"أكلّ بنيك"، وأما الليث وابن عيينة، فقالا:"أكلّ ولدك". ولا منافاة بينهما؛ لأن لفظ الولد يشمل ما لو كانوا ذكورًا، أو إناثًا وذكورًا، وأما لفظ البنين، فإن كان ذكورًا، فظاهر، وإن كانوا إناثًا وذكورًا، فعلى سبيل التغليب. ولم يذكر ابن سعد لبشير واقد النعمان ولدًا غير النعمان، وذكر له بنتًا اسمها أُبية - بالموحّدة، تصغير أبى. قاله في "الفتح"(نَحَلْتَ؟) وفي رواية مالك: "أكلّ ولدك نحلته"، وفي رواية عروة، عن بشير:"أكلّ ولدك نحلته مثل ذا"، وفي رواية داود، عن الشعبيّ:"كلّ ولدك نحلت مثل الذي نحلت نعمان"، وفي رواية له:، أفكلهم وهبت لهم مثل الذي وهبت لابنك هذا؟ "، وفي رواية له: "فأعطيتهم مثل ما أعطيت لهذا" (قَالَ) بشير (لَا) وفي رواية ابن القاسم، في "الموطّآت للدارقطنيّ عن مالك: "قال: لا واللَّه، يا رسول اللَّه"(قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَارْدُدْهُ) وفي رواية مالك التالية: "فارجعه"، وفي رواية الشعبيّ:"فلا أشهد على شيء"، هذا لفظ "المجتبى"، ولفظ "الكبرى": "فأَشْهِدْ على هذا غيري، أليس يسرّك أن يكونوا إليك في البرّ سواءً؟، قال: بلى، قال: فلا إذًا"، وفي رواية له:"فلا تشهدني إذًا، فإني لا أشهد على جور"، وفي رواية عروة:"فكره النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يشهد له"، وفي رواية أبي الضحى، عن النعمان:"ألا سوّيت بينهم"، وفي رواية الشعبيّ عند البخاريّ:"قال: فرجع، فردّ عطيّته"، ولمسلم:"فردّ تلك الصدقة"، وفي رواية المغيرة، عن الشعبيّ، عند مسلم:"اعدلوا بين أولادكم في النُّحل، كما تحبّون أن يعدِلوا بينكم في البرّ"، وفي رواية مجالد، عن الشعبيّ، عند أحمد:"إن لبنيك عليك من الحقّ أن تعدل بينهم، فلا تشهدني على جور، أيسرّك أن يكونوا إليك في البرّ سواءً؟ قال: بلى، قال: فلا إذًا"، ولأبي داود من هذا الوجه:"إن لهم عليك من الحقّ أن تعدل بينهم، كما أن لك عليهم من الحقّ أن يبرّوك".