بيان أقوال الفقهاء المشهورين في المسح على الجوربين مذهب المالكية في المسح على الجوربين
قال الإمام ابن القاسم في المدونة: كان مالك يقول في الجوربين يكونان على الرجل وأسفلهما جلد مخروز، وظاهرهما جلد مخروز: أنه يمسح عليهما. ثم رجع فقال: لا يمسح عليهما. قال ابن القاسم: وقوله الأول أحب إلى إذا كان عليهما جلد كما وصفت لك. اهـ قال ابن يونس: وهو أي قول مالك الأول- الصواب؛ لأنه إذا كان عليه جلد مخروز يبلغ الكعبين فهذا كالخف (نقله المواق في التاج والإكليل). وفي اختيار ابن القاسم القول الذي رجع عنه إمامه مالك، وتصريحه بأنه أحب إليه. وقول ابن يونس: إنه الصواب أكبر اعتبار في أن أصحاب الأئمة، كانوا يتجافون التقليد البحت، ولا يعولون إلا على الدليل، ويصبح ذلك مذهبا لهم في الحقيقة. وهكذا كان أمر صاحبي أبي حنيفة معه. وهكذا أصحاب الشافعي، فإن المزني كثيرا ما ينفرد بقول عن أستاذه الشافعي. وقد نقل النووي في آخر شرح خطبة المهذب عن إمام الحرمين أن المزني إذا انفرد برأي، فهو صاحب مذهب وقد اختار كثير من أصحاب الشافعي بعض مسائله التي رجع عنها، وأفتوا بها بعده. قال إمام الحرمين: المرجوع عنه ليس مذهبا للراجع، فإذا علمت حال القديم، ووجدنا أصحابنا أفتوا بهذه المسائل على القديم حملنا ذلك على أنه أداهم اجتهادهم إلى القديم لظهور دليله، وهم مجتهدون فأفتوا به اهـ فتأمل قوله: وهم مجتهدون، تعلم غلط ما يهرف به البعض من أنهم مجتهدون في المذهب، لا مطلقًا، فإنهم مجتهدون على الإطلاق، وليس كل مجتهد ذا أتباع، ومذهب مدون، على أنه لو خرج على قواعد الإمام لم يكن مذهبا له. قال الإمام النووي: وقد سبق اختلافهم في أن المخرج هل ينسب إلى الشافعي؟ والأصح أنه لا ينسب اهـ.