قال الإمام الكاساني في بدائع الصنائع: وأما المسح على الجوربين فإن كانا مجلدين، أو منعلين يجزيه بلا خلاف عند أصحابنا، وإن لم يكونا مجلدين ولا منعلين، فإن كانا رقيقين يشفان الماء، لا يجوز المسح عليهما بالإجماع، وإن كانا ثخينين، لا يجوز عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد يجوز. ورُويَ أنه مسح على جوربيه في مرضه، ثم قال لعواده: فعلت ما كنت أمنع الناس منه. فاستدلوا به على رجوعه، ثم قال: احتج أبو يوسف، ومحمد بحديث المغيرة بن شعبة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح علي الجوربين"، ولأن الجواز في الخف لرفع الحرج لما يلحقه من المشقة بالنزع، وهذا المعنى موجود في الجورب اهـ.
مذهب الحنابلة
في الإقناع وشرحه: ويصح المسح على جورب صفيق أو غيره وإن كان غير مجلد أو منعل، أو كان من خرق وأمكنت متابعة المشي عليه. ثم قال: وحديث المغيرة "مسح - صلى الله عليه وسلم - على الجوربين والنعلين" يدل على أنهما كانا غير منعلين؛ لأنه لو كانا كذلك لم يذكر النعلين؛ لأنه
لا يقال: مسح على الخف ونعله اهـ.
ما قاله الإمام ابن رشد المالكي
قال رحمه الله في كتابه (بداية المجتهد): واختلفوا في المسح على الجوربين، وسبب اختلافهم اختلافُهُم في صحة الآثار الواردة عنه عليه الصلاة والسلام أنه مسح على الجوربين، والنعلين، واختلافهم أيضا هل يقاس على الخف غيره، أم هي عبادة لا يقاس عليها، ولا يتعدى بها محلها، فمن لم يصح عنده الحديث، أو لم يبلغه، ولم ير القياس على الخف قصر المسح عليه، ومن صح عنده الأثر، وجواز القياس على الخف أجاز المسح على الجوربين اهـ.