للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التعظيم شرعًا إلا عليه، تنعقد اليمين به، وتجب الكفّارة إذا حنث، كمقلّب القلوب، وخالق، ورازق كلّ حيّ، وربّ العالمين، وفالق الحبّ, وبارىء النسمة، وهذا في حكم الصريح، كقوله: واللَّه. وفي وجه لبعض الشافعيّة أن الصريح اللَّه فقط. ويظهر أثر الخلاف فيما لو قال: قصدت غير اللَّه، هل ينفعه في عدم الحنث.

والمشهور عند المالكيّة التعميم، وعن أشهب التفصيل في مثل وعزّة اللَّه، إن أراد التي جعلها بين عباده، فليست بيمين، وقياسه أن يطّرد في كلّ ما يصحّ إطلاقه عليه، وعلى غيره. وقال به سحنون منهم في عزّة اللَّه. وفي "العتبيّة": أن من حلف بالمصحف لا تنعقد، واستنكره بعضهم، ثم أولها على أن المراد إذا أراد جسم المصحف. والتعميم عند الحنابلة، حتى لو أراد بالعلم، والقدرة المعلوم، والمقدور، انعقدت. ذكره في "الفتح" (١).

(ومنها): ما قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: إن قيل: فقد أقسم اللَّه تعالى بمخلوقاته، فإنه قال تعالى: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا}، {وَالذَّارِيَاتِ}، {وَالطُّورِ}. فالجواب أن للَّه تعالى: أن يُقسم بما شاء من مخلوقاته، تنبيهًا على شرفه. انتهى.

قال وليّ الدين. وتعبيره بقوله: "للَّه" منكرٌ، ولو قال: إن اللَّه تعالى يُقسم بما يشاء، لكان أحسن. وفي "مصنّف ابن أبي شيبة"، عن ميمون بن مهران، قال: إن اللَّه تعالى يُقسم بما شاء من خلقه، وليس لأحد أن يُقسم إلا باللَّه. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": وأما ما ورد في القرآن من القسم بغير اللَّه، ففيه جوابان:

[أحدهما]: أن فيه حذفا، والتقدير ورب الشمس، ونحوه.

[والثاني]: أن ذلك يختصّ باللَّه تعالى، فهذا أراد تعظيم شيء من مخلوقاته أقسم به، وليس لغيره ذلك. انتهى (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الجواب الثاني هو الصحيح، وأما الأول ففيه نظر لا يخفى. فتأمل. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم الحلف بغير اللَّه تعالى:

قال الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-. وقد اختلف العلماء في أن الحلف بمخلوق حرامٌ، أو مكروه، والخلاف عند المالكيّة، والحنابلة، لكن المشهور عند المالكيّة الكراهة، وعند الحنابلة التحريم، وبه قال أهل الظاهر، ويوافقه ما جاء عن ابن عبّاس


(١) "فتح" ١٣/ ٣٨٤.
(٢) "طرح التثريب" ٧/ ١٤٥.
(٣) "فتح" ١٣/ ٣٨٢. "كتاب الأيمان والنذور".