أو نصرانيٌّ، إن كان كذا، أو واللاتِ، والعزّى، وشبه ذلك، ثم قال: وقوله: "كاذبًا"، ليس المراد به التقييد، والاحتراز من الحلف بها صادقًا؛ لأنه لا ينفكّ الحالف بها عن كونه كاذبًا، وذلك لأنه لا بدّ أن يكون معظّمًا لما حلف به، فإن كان معتقدًا عظمته بقلبه، فهو كاذبٌ في ذلك، وإن كان غير معتقد ذلك بقلبه، فهو كاذبٌ في الصورة؛ لأنه عظّمه بالحلف به، وإذا عُلم أنه لا ينفكّ عن كونه كاذبًا حُمل التقييد بكونه كاذبًا على أنه بيان لصورة الحال، ويكون التقييد خرج على سبب، فلا يكون له مفهوم، ويكون من باب قوله تعالى:{وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ}[آل عمران: ١١٢]، ونظائره، فإن كان الحالف معظّمًا لما حلف به كان كافرًا، وإن لم يكن معظّمًا، بل كان قلبه مطمئنًا بالإيمان, فهو كاذب في حلفه بما لا يحلف به، ومعاملته إياه معاملة ما يُحلف به، ولا يكون كافرًا، خارجًا عن ملة الإسلام، ويجوز أن يُطلق عليه اسم الكفر، وُيراد كفر النعمة. انتهى.
قال الحافظ وليّ الدين: والتقسيم الذي في حديث بُريدة - رضي اللَّه عنه - يردّ عليه، والظاهر أن كلامه هذا إنما هو في مثل قوله: واللات، والعزى، وإن كان ذكر في صدر كلامه أيضًا. وقوله:"هو يهوديّ إن كان كذا. انتهى كلام وليّ الدين (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث بريدة بن الْحُصيب - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- ٨/ ٣٧٩٩ - وفي "الكبرى" ٨/ ٤٧١٣.
وأخرجه (د) في "الأيمان والنذور" ٣٢٥٨ (ق) في "الكفّارات" ٢١٠٠ (أحمد) في "باقي مسند الأنصار" ٢٢٤٩٧. وفوائده تقدّمت قريبًا. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): قال الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: تقسيمه حاله إلى صادق وكاذب يدلّ على أن ذلك في الإخبار عن ماضٍ، كما تقدّم، فإن الخبر هو المحتمل للصدق والكذب، أما إذا وقع منه مثل هذا في التعليق على وقوع أمر في المستقبل، فقد يقال: يُلحق بالماضي، ويقال: إن فعل ذلك المحلوف عليه كفر، وإلا فلا. وقد يقال: إن لفظ الحديث أوّلًا متناول له، إلا أنه لَمَّا فَصّل اقتصر على أحد القسمين، ويُعرف منه