للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

داود، والنسائيّ (١) في حديث الباب، ولفظ أبو داود من طريق سعيد بن أبي عَروبة، عن قتادة، عن الحسن، به: "كفّر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير"، وقد أخرجه مسلم من هذا الوجه، لكن أحال بلفظ المتن على ما قبله. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه" من طريق سعيد كأبي داود. وأخرجه النسائيّ (٢) من رواية جرير بن حازم، عن الحسن مثله. لكن أخرجه البخاريّ، ومسلم، من رواية جرير بالواو، وهو في حديث عائشة عند الحاكم أيضًا بلفظ: "ثمّ". وفي حديث أم سلمة عند الطبرانيّ نحوه، ولفظه: "فليكفّر عن يمينه، ثم ليفعل الذي هو خير". انتهى (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن بما تقدّم من الأدلة أن ما ذهب إليه الجمهور، من جواز التكفير قبل الحنث هو الأرجح؛ لقوّة دليله، كما سبق تقريره. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

(المسألة الخامسة): اختُلف هل كفّر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - عن يمينه المذكور، كما اختُلف، هل كفّر في قصَّة حلفه على شرب العسل، أو على غشيانه مارية - رضي اللَّه تعالى عنها -، فرُوي عن الحسن البصريّ -رحمه اللَّه تعالى- أنه قال: لم يُكفّر أصلاً؛ لأنه مغفور له، وإنما نزلت كفّارة اليمين تعليمًا للأمة. وتُعُقّب بما أخرجه الترمذيّ من حديث عمر - رضي اللَّه عنه - في قصَّة حلفه على العسل، أو مارية، فعاتبه اللَّه، وجعل له كفّارة يمين. وهذا ظاهر في أنه كفّر، وإن كان ليس نصا في ردّ ما ادّعاه الحسن، وظاهر قوله أيضًا في حديث الباب: "وكفّرت عن يميني" أنه لا يترك ذلك، ودعوى أن ذلك كلّه للتشريع بعيد. قاله في "الفتح" (٤)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٨٠٨ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -, قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ, فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا, فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ, وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ").

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد إلى عمرو بن شُعيب رجال الصحيح، وتقدّموا. و "عمرو بن عليّ": هو الفلّاس. و"يحيى": وابن سعيد القطّان.

و"عبد اللَّه بن الأخنس": هو النخعيّ، أبو مالك الْخَزّاز الكوفيّ، صدوق، يخطئ [٧]


(١) هو الآتي برقم ٣٨١٠.
(٢) هو الحديث الآتي رقم ٣٨١٠.
(٣) "فتح" ١٣/ ٤٧٤ - ٤٧٥.
(٤) "فتح" ١٣/ ٤٧٩.