للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن الحسن: (حدّثني عبد الرحمن بن سمُرة. ومن طريق المبارك بن فَضّالة، عن الحسن: "حدثنا عبد الرحمن" (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) هذا الحديث مشتمل على جزأين، اختصر المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- هنا على الجزء الأخير منه، وسيأتي له الجزء الأول في "كتاب آداب القضاء" -٥/ ٥٤١١ - " النهي عن مسألة الإمارة" بلفظ: "لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة، وُكِلتَ إليها, وإن أعطيتها عن غير مسألة، أُعِنتَ عليها".

وقد ساقه الشيخان مساقًا واحدًا, ولفظ البخاريّ -٦٦٢٢ - من طريق جرير بن حازم، عن الحسن، حدثنا عبد الرحمن بن سمرة، قال: قال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة، وُكِلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة، أُعِنت عليها، وإذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فكَفر عن يمينك، وأت الذي هو خير".

قال في "الفتح": وقد اختُلف فيما تضمّنه حديث عبد الرحمن بن سمرة - رضي اللَّه عنه - هل لأحد الْحُكْمين تعلّقٌ بالآخر، أو لا؟، فقيل: له به تعلّقٌ، وذلك أن أحد الشِّقّين أن يعطى الإمارة من غير مسألة، فقد لا يكون له فيها أربٌ، فيمتنع، فيُلزَمُ، فيَحلِف، فأمر أن ينظر، ثم يفعل الذي هو أولى، فإن كان في الجانب الذي حلف على تركه، فيحنث، ويُكفّر، ويأتي مثله في الشقّ الآخر. انتهى (١).

(قَال: "إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى يَمِينٍ) أي محلوف عليه، وقد تقدّم القول فيه مستوفًى في شرح حديث أبي موسى - رضي اللَّه عنه - الماضي (فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا) أي رأى غير المحلوف عليه خيرًا منه، وظاهر الكلام عود الضمير على اليمين، ولا يصحّ عوده على اليمين بمعناها الحقيقيّ، بل بمعناها المجازيّ، كما تقدّم، والمراد بالرؤية هنا الاعتقادية، لا البصريّة.

قال عياض: معناه: إذا ظهر له أن الفعل، أو الترك خير له في دنياه، أو آخرته، أو أَوْفَقَ لمراده وشهوته ما لم يكن إثمًا. وقد وقع عند مسلم في حديث عديّ بن حاتم - رضي اللَّه عنه -: "فرأَى غيرها أتقى للَّه، فليأت التقوى"، وهو يُشعر بقصر ذلك على ما فيه طاعة.

وينقسم المأمور به أربعة أقسام: إن كان المحلوف عليه فعلاً، فكان الترك أولى. أو كان المحلوف عليه تركًا، فكان الفعل أولى. أو كان كلٌّ منهما فعلاً وتركًا، لكن يدخل


(١) "فتح" ١٣/ ٤٨٣.