روايته سبب النذر، فروى أحمد من طريقه شعبة، عن أبي بشر:"أن امرأة ركبت البحر، فنذرت أن تصوم شهرًا، فماتت قبل أن تصوم، فأتت أختها النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - " الحديث.
قال الجامع: هو الحديث الذي نحن في شرحه، رواه هنا شعبة، عن الأعمش، عن مسلم البطين، فكان الأولى للحافظ أن يعزوه إلى المصنّف.
قال: ورواه أيضًا عن هُشيم، عن أبي بشر نحوه. وأخرجه البيهقيّ من حديث حماد ابن سلمة.
وقد ادّعى بعضهم أن هذا الحديث اضطرب فيه الرواة عن سعيد بن جُبير، فمنهم من قال: إن السائل امرأة، ومنهم من قال: رجل، ومنهم من قال: إن السؤال وقع عن نذر، فمنهم من فسّره بالصوم، ومنهم من فسّره بالحج.
قال: والذي يظهر أنهما قصّتان، ويؤيّده أن السائلة في نذر الصوم خثعميّة، كما في رواية أبي حَرِيز المعلّقة، والسائلة عن نذر الحجّ جهنيّةٌ، كما تقدّم في موضعه. وقد روى مسلم من حديث بُريدة أن امرأة سألت عن الحجّ، وعن الصوم معًا.
وأما الاختلاف في كون السائل رجلاً، أو امرأة، والمسؤول عنه أختًا، أو أمًّا، فلا يقدح في موضع الاستدلال من الحديث؛ لأن الغرض منه مشروعيّة الصوم، أو الحجّ عن الميت، ولا اضطراب في ذلك. انتهى المقصود من "الفتح"(١).
(فَنَذَرَتْ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا) الظاهر أن النذر كان لنجاتها من البحر (فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَصُومَ، فَأَتَتْ أُخْتُهَا النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَذكَرَتْ ذَلِك لَهُ، قأَمَرَهَا أَنْ تَصُومَ عَنْهَا) قال السنديّ: من لا يرى الصوم جائزًا يؤوّل الحديث بأن المراد الافتداء، فإنها إذا افتدت، فقد أدّت الصوم عنها، وهو تأويل بعيد جدًّا، وأحمد جوز الصوم في النذر، وقال: هو المورد، والقول القديم للشافعيّ جوازه مطلقًا، ورجحه محققو أصحابه بأنه الأوفق للدليل. انتهى. وسيأتي تحقيق المسألة قريبًا إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- ٣٤/ ٣٨٤٢ - وفي "الكبرى" ١١/ ٤٧٥٨. وأخرجه (خ) في "الصوم"