فأخبر عن الطهارة الشرعية. وفي بعض روايات حديث المغيرة "إذا أدخلت رجليك في الخف وهما طاهرتان فامسح عليهما" وعلى هذه الأصول يتفرع فيمن لبس أحد خفيه بعد أن غسل إحدى رجليه، وقبل أن يغسل الأخرى، فقال مالك: لا يمسح على الخفين لأنه لابس للخف قبل تمام الطهارة، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال أبو حنيفة، والثوري والمزني والطبري، وداود: يجوز له المسح، وبه قال جماعة من أصحاب مالك: منهم مطرف، وغيره، وكلهم أجمعوا أنه لو نزع الخف الأول بعد غسل الرجل الثانية ثم لبسها جاز له المسح اهـ كلام ابن رشد.
قال الجامع عفا الله عنه: والراجح عندي قول من اشترط لبسهما على طهر كامل لظاهر قوله: "وهما طاهرتان"، والله أعلم.
المسألة التاسعة: في نواقض مسح الخف: قال ابن رشد في بدايته ج ١ ص ٢٢: فأما نواقض هذه الطهارة، فإنهم أجمعوا على أنها نواقض الوضوء، واختلفوا هل نزع الخف ناقض لهذه الطهارة أم لا؟ قال قوم: إن نزعه وغسل قدميه فطهارته باقية، وإن لم يغسلهما وصلى أعاد الصلاة بعد غسل قدميه، وممن قال بذلك مالك، وأصحابه، والشافعي، وأبو حنيفة، إلا أن مالكا رأى أنه إن أخر ذلك استأنف الوضوء على رأيه في وجوب الموالاة. وقال قوم: طهارته باقية حتى يحدث حدثا ينقض الوضوء وليس عليه غسل، وممن قال بهذا القول داود، وابن أبي ليلى: وقال الحسن بن حي: إذا نزع خفيه فقد بطلت طهارته، وبكل واحد من هذه الأقوال الثلاثة قالت طائفة من فقهاء التابعين، وهذه المسألة هي مسكوت عنها، يعني أنه لم يرد نص بتبيينها- وسبب اختلافهم هل المسح على الخفين هو أصل بذاته في الطهارة، أو بدل من غسل القدمين عند غيبوبتهما في الخفين؟ فإن قلنا: هو أصل