للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في قتل إنسان على أخذ ماله، وإن لم يَشهَر السلاح، لكن دخل عليه بيته، أو صحبه في سفر فأطعمه سما فقتله، فيقتل حدّا، لا قودا.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الأرجح عندي ما ذهب إليه الشافعيّ، وأبو ثور، ورجحه ابن المنذر، من أن المحارب يعم كلّ من حمل السلاح على المسلمين مطلقًا، في المصر، أو المنازل، والطرق، أو البرية؛ لعموم الآية الكريمة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثالثة): اختلفوا في حكم المحارب، فقالت طائفة: يقام عليه بقدر فعله، فمن أخاف السبيل، وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف، وإن أخذ المال، وقتل قطعت يده ورجله، ثم صلب، فإذا قتل ولم يأخذ المال قتل، وإن هو لم يأخذ المال، ولم يقتل نفي، قاله ابن عباس، وروي عن أبي مجلز، والنخعي، وعطاء الخراساني، وغيرهم.

وقال أبو يوسف: إذا أخذ المال وقتل صلب وقتل على الخشبة، قال الليث: بالحربة مصلوبا. وقال أبو حنيفة: إذا قتل قتل، وإذا أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وإذا أخذ المال وقتل فالسلطان مخير فيه، إن شاء قطع يده ورجله، وإن شاء لم يقطع وقتله وصلبه، قال أبو يوسف: القتل يأتي على كلّ شيء، ونحوه قول الأوزاعيّ. وقال الشافعيّ: إذا أخذ المال قطعت يده اليمنى وحسمت، ثم قطعت رجله اليسرى وحسمت، وخُلي؛ لأن هذه الجناية زادت على السرقة بالحرابة، وإذا قتل قتل، وإذا أخذ المال وقتل قتل وصلب، وروي عنه أنه قال: يصلب ثلاثة أيام، قال: وإن حَضَرَ وكَثر وهِيب، وكان رِدْئًا للعدو حُبس، وقال أحمد: إن قتل قتل، وإن أخذ المال قطعت يده ورجله، كقول الشافعيّ، وقال قوم: لا ينبغي أن يصلب قبل القتل، فيحال بينه وبين الصلاة والأكل والشرب. وحُكي عن الشافعيّ أكره أن يقتل مصلوبا؛ لنهي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن المثلة. وقال أبو ثور: الإمام مخير على ظاهر الآية، وكذلك قال مالك، وهو مروي عن ابن عبّاس، وهو قول سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، ومجاهد، والضحاك، والنخعي، كلهم قال: الإمام مخير في الحكم على المحاربين، يحكم عليهم بأي الأحكام التي أوجبها اللَّه تعالى، من القتل والصلب، أو القطع، أو النفي بظاهر الآية، قال ابن عبّاس: ما كان في القرآن "أو" فصاحبه بالخيار.

قال القرطبيّ: وهذا القول أسعد بظاهر الآية، فإن أهل القول الأول الذين قالوا: إن "أو" للترتيب، وإن اختلفوا، فإنك تجد أقوالهم أنهم يجمعون عليه حدين، فيقولون: يقتل ويصلب، ويقول بعضهم: يصلب ويقتل، ويقول بعضهم: تقطع يده ورجله