وكان كثير الحديث يُستضعف. وقال أبو حاتم: وهو أحبّ إلى من عبد اللَّه بن نافع، يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال العجليّ: لا بأس به. وقال ابن حبّان: كان ممن غلب عليه الصلاح، حتى غفل عن الضبط، فاستحق الترك، مات سنة (١٧٣)) وقال الترمذيّ في "العلل الكبير" عن البخاريّ: ذاهب لا أروى عنه شيئًا. وقال البخاريّ في "التاريخ": كان يحيى بن سعيد يضعفه. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عنده. وقال يعقوب بن سفيان، عن أحمد بن يونس: لو رأيت هيئته لعرفت أنه ثقة. وقال المروذي: ذكره أحمد، فلم يرضه. وقال ابن عمار الموصلي: لم يتركه أحد إلا يحيى ابن سعيد، وزعموا أنه أخذ كتب عبيد اللَّه فرواها. وأورد له يعقوب بن شيبة في "مسنده" حديثًا، فقال: هذا حديث حسن الإسناد مدني، وقال في موضع آخر: هو رجل صالح مذكور بالعلم والصلاح، وفي حديثه بعض الضعف والإضطراب، ويزيد في الأسانيد كثيرا. وقال الخليلي: ثقة غير أن الحفاظ لم يرضوا حفظه. وقول ابن معين فيه: إنه صويلح، إنما حكاه عنه إسحاق الكوسج، وأما عثمان الدارميّ، فقال عن ابن معين: صالح ثقة. روى له الجماعة إلا البخاريّ، وله عند المصنّف ثلاثة أحاديث: هذا، و ٤١٠٢ حديث:"من حمل علينا السلاح، فليس منا"، و ٤٩١٢ حديث:"قطع في مِجَنّ قيمته ثلاثة دراهم".
وقوله:"وغيره" يحتمل أن يكون ابن لهيعة، كما تقدّم البحث عنه في مقدّمة هذا الشرح.
والحديث صحيح، دون قوله:"وصلبهم"، فإنها شاذّة منكرة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٤٠٣٠ - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا (١) إِسْمَاعِيلُ, عَنْ حُمَيْدٍ, عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - أُنَاسٌ مِنْ عُرَيْنَةَ, فَقَالَ: لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - «لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى ذَوْدِنَا, فَكُنْتُمْ فِيهَا, فَشَرِبْتُمْ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا» , فَفَعَلُوا, فَلَمَّا صَحُّوا قَامُوا إِلَى رَاعِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - فَقَتَلُوهُ, وَرَجَعُوا كُفَّارًا, وَاسْتَاقُوا ذَوْدَ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِمْ, فَأُتِيَ بِهِمْ, فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ, وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة. و"إسماعيل": هو ابن أبي كثير الأنصاريّ المدنيّ الثقة الثبت [٨]. والسند من رباعيات المصنف، وهو (١٨٨) من رباعيات الكتاب وهو أعلى الأسانيد له، كما تقدّم غير مرّة.