وقال الطحاوي: وقد روى أنس بن مالك ما يدل على ما ذكرنا، فأخرج حديث أنس المذكور في الباب، ثم قال: فهذا أنس قد علم حكم ما ذكرنا من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم ير ذلك فرضا. اهـ أي بل كان ذلك لإصابة الفضل، وإلا لما وسعه، ولا غيره أن يخالفوه.
وقال ابن شاهين: لم يبلغنا أن أحدا من الصحابة والتابعين كانوا يعمدون الوضوء لكل صلاة إلا ابن عمر. وفيه نظر؛ لأنه روى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن ابن عون، عن ابن سيرين:"كان الخلفاء
يتوضؤون لكل صلاة" وفي لفظ: "كان أبو بكر، وعمر، وعثمان، يتوضؤون لكل صلاة".
وقال بعضهم: يمكن حمل الآية على ظاهرها من غير نسخ، ويكون الأمر في حق المحدثين على الوجوب، وفي حق غيرهم. للندب، لكن قد علمت أن هذا لا يصح لما تقدم من أنه يكون من باب الالغاز. ذكره العيني في شرح البخاري. اهـ. المنهل ج ٢ ص ١٦٣ - ١٦٥ بتغيير يسير.
قال الجامع عفا الله عنه: فتحصل من مجموع ما تقدم أن المذهب القوي هو ما عليه الجمهور من أنه لا يجب الوضوء إلا من حدث، وأما التجديد من دون حدث فمن باب الاستحباب؛ لأن الوضوء عبادة
مطلوبة لتكفير الذنوب، ولا يختص ذلك بالمحدث فقط، لعموم الدليل كما تقدم في حديث عبد الله الصنابحي الباب ٨٥ حديث ١٠٣.
"تنبيه" حديث "الوضوء على الوضوء نور على نور" قال الحافظ المنذري: لا يحضرني له أصل من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولعله من كلام بعض السلف اهـ. ترغيب ج ١ ص ٩٩. وقال الحافظ العراقي: لم أجد له أصلا اهـ وقال الحافظ: هو حديث ضعيف رواه رزين في مسنده. وقال السبكي لم أجد له إسنادًا. ذكره في تخريج أحاديث الإحياء ج ١ ص ٣٠٢.