الاستِتابة، أو لا يُقتل، بك يُجتهد في ردّ بِدْعته؟ اختُلِف فِيهِ، بِحسبِ الاختِلاف في تكفِيرهم، قال: وباب التكفِير باب خطِر، ولا نعْدِل بِالسلامةِ شيئًا. انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي قول من قال بتكفير الخوارج أرجح؛ لقوّة أدلْته، ووُضوحها، فليُتأمّل. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٤١٠٥ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَصْرِيُّ الْحَرَّانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ, عَنْ شَرِيكِ بْنِ شِهَابٍ, قَالَ: كُنْتُ أَتَمَنَّى أَنْ أَلْقَى رَجُلاً, مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, أَسْأَلُهُ عَنِ الْخَوَارِجِ, فَلَقِيتُ أَبَا بَرْزَةَ, فِي يَوْمِ عِيدٍ, فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ, فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, يَذْكُرُ الْخَوَارِجَ؟ , فَقَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِأُذُنِي, وَرَأَيْتُهُ بِعَيْنِي, أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِمَالٍ, فَقَسَمَهُ فَأَعْطَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ, وَمَنْ عَنْ شِمَالِهِ, وَلَمْ يُعْطِ مَنْ وَرَاءَهُ شَيْئًا, فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ وَرَائِهِ, فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ, مَا عَدَلْتَ فِي الْقِسْمَةِ, رَجُلٌ أَسْوَدُ, مَطْمُومُ الشَّعْرِ, عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ, فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, غَضَبًا شَدِيدًا, وَقَالَ: «وَاللَّهِ لَا تَجِدُونَ بَعْدِي, رَجُلاً هُوَ أَعْدَلُ مِنِّي» , ثُمَّ قَالَ: «يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ, كَأَنَّ هَذَا مِنْهُمْ, يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ, لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ, يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ, كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ, سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ, لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ, حَتَّى يَخْرُجَ آخِرُهُمْ مَعَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ, فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ, هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ».
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ, -رَحِمَهُ اللَّهُ-: شَرِيكُ بْنُ شِهَابٍ, لَيْسَ بِذَلِكَ الْمَشْهُورِ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "محمد بن معمر البصريّ البحرانيّ": هو القيسيّ، صدوقٌ، من كبار [١١]. ٥/ ١٨٢٩ من مشايخ الأئمة الستّة، دون واسطة، وقد تقدّموا غير مرّة.
[تنبيه]: وقع في معظم نسخ "المجتبى"، و"الكبرى" "الحرّانيّ" بدل "البحراني"، والصواب كما في النسخة "الهنديّة" -: "البحرانيّ" بفتح الموحّدة، وسكون الحاء المهملة، وتخفيف الراء: نسبة إلى البحرين، إقليم بين البصرة، وعُمان. قاله في "لب اللباب" ١/ ١٠٦.
و"أبو داود الطيالسيّ": هو سليمان بن داود البصريّ. و"الأزرق بن قيس": هو الحارثيّ البصريّ، ثقة [٣] ٩/ ٤٦٧.
و"شريك بن شهاب" الحازميّ البصريّ، مقبول [٤].
روى عن أبي برزة الأسلميّ - رضي اللَّه تعالى عنه -، وعنه الأزرق بن قيس. ذكره ابن