للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد أخرج البزَّار في حدِيث: "القاتِل والمقتُول في النَّار" زِيادة تُبيِّن المراد، وهِي: "إِذا اقتتلتُم على الدنيا، فالقاتِل والمقتُول في النَّار"، وُيؤيِّدهُ ما أخرجهُ مسلِم بِلفظِ: "لا تذهبُ الدُّنْيا حتى يأتِي على الناس زمان، لا يدْرِي القاتِل فِيم قتل، ولا المقتُول فِيم قُتِل"، فقِيل: كيف يكُون ذَلِكَ؛ قال: "الهرْج" القاتِل والمقتُول في النَّار".

قال القُرْطُبِيّ: فبيَّن هذا الحديث أنَّ القِتال، إِذا كان على جهل من طلب الدنيا، أوْ اتَّباع هوْى، فهُو الذِي أُرِيد بِقوْلِهِ: "القاتِل والمقتُول في النَّار".

قال الحافظ: ومِن ثمَّ كان الذين توقّفُوا عن القِتال في الجمل، وصفِّين أقلّ عددًا من الًذِين قاتلُوا، وكُلهم مُتأوِّل، مأجُور إن شاء اللَّه، بِخِلافِ من جاء بعدهُم مِمَّن قاتل على طلب الدُّنيا. انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهدا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي بكرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا- ٤١١٨/ ٢٩ و ٤١١٩ و ٤١٢٢ و ٤١٢٣ و ٤١٢٤ و ٤١٢٥ - وفي "الكبرى" ٢٩/ ٣٥٨١ و ٣٥٨٢ و ٣٥٨٥ و ٣٥٨٦ و ٣٥٨٧ و ٣٥٨٨ و ٣٥٨٩.وأخرجه (خ) في "الإيمان" ٣١ و"الديات" ٦٨٧٥ و"الفتن" ٧٠٨٣ (م) في "الفتن"٢٨٨٨ (د) في "الفتن" ٤٢٦٨ (أحمد) في "مسند البصريين" ١٩٩٠٨ و ١٩٩٢٦ و ١٩٩٥٩ و ١٩٩٨٠ و ١٩٩٩٥. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان تحريم قتل المسلم ظلمًا. (ومنها): أن قتل المسلم ظلمًا كبيرة، من الكبائر، يستحق بها النار. (ومنها): أن العبد يؤاخذ بالعزم على المعصية، وسيجيء في المسألة التالية أقوال أهل العلم في ذلك، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): أن أصحاب الكبائر لا يخرجون بارتكابها عن كونهم مؤمنين؛ لأن اللَّه سماهم مؤمنين، حيث قال: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: ٩]. وسمّاهم النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - مسلمين في حديث أبي بكرة، وأبي موسى - رضي اللَّه تعالى عنهما -، حيث قال: "إذا تواجه المسلمان


(١) "فتح" ١٤/ ٥٣٠ - ٥٣١ "كتاب الفتن".