فِي النياحة، فلابدّ لها منْ مساعدتها عَلَى ذلك، قضاءً لحقّها، ثم لا تعود، فرخّص لها النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم فِي ذلك قبل المبايعة، ففعلت، ثم بايعت، وهذا الترخيص خاصّ بها رضي الله تعالى عنها عَلَى الراجح، كما يأتي قريبًا، إن شاء الله تعالى. (فِي الْجَاهِلِيَّةِ) أي فِي الايام التي كانت قبل الإِسلام (فَأَذْهَبُ، فَأُسْعِدُهَا) وفي رواية البخاريّ: فأريد أن أجزيها": أي أكافئها (ثُمَّ أَجِيئُكَ، فَأُبَايِعُكَ، قَالَ) صلّى الله تعالى عليه وسلم (اذْهبِي، فأسْعِدِيهَا) أي كافئيها (قَالَتْ) أم عطية رضي الله تعالى عنها (فَذَهَبْتُ، فَسَاعَدْتُهَا) أي كافأتها عَلَى ما سبق لها، وفي نسخة: "فأسعدتها" (ثُمَّ جِئْتُ، فَبَايَعْتُ رسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) هَذَا فيه تصريح بإذنه صلّى الله تعالى عليه وسلم لها بالإسعاد، فيُحمل عَلَى أنه منْ خصوصيّات أم عطيّة رضي الله تعالى عنها، كما أنه صلّى الله تعالى عليه وسلم استثنى بعض النساء كما سيأتي قريباً، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٨/ ٤١٨١ و٤١٨٢ - وفي "الكبرى" ٢١/ ٧٨٠٢ و٧٨٠٣. وأخرجه (خ) فِي "الجنائز" ١٣٠٦ (م) فِي "الجنائز" ٩٣٦ (د) فِي "الجنائز" ٣١٢٧ (أحمد) فِي "أول مسند البصريين" ٢٠٢٦٧. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان مشروعيّة مبايعة النساء. (ومنها): تحريم النوح، وعظيم قبحه، والاهتمام بإنكاره، والزجر عنه؛ لأنه مُهَيْجٌ للحزن، ورافع للصبر، وفيه مخالفة التسليم للقضاء، والإذعان لأمر الله تعالى. (ومنها): تخصيص النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم لأم عطيّة رضي الله تعالى عنها بالمساعدة بالنياحة، وكذا ثبت الترخيص لغيرها أيضاً، كما سيأتي فِي المسألة التالية، إن شاء الله تعالى. (ومنها): أن للشارع أن يخصّ بعض المكلّفين بترخيص بعض الأحكام فِي حقّه، كما ثبت أنه صلّى الله تعالى عليه وسلم رخّص لأبي بُردة بن نيار رضي الله تعالى عنه أن يُضحّي بجذعة، وَقَالَ: "لن تجزي عن أحد بعدك"، وكذا ثبت الترخيص لعقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه، كما سيأتي تحقيقه فِي "كتاب الضحايا"،