(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) رضي الله تعالى عنهما (عَنْ سَوْدَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-) رضي الله تعالى عنها، أنها (قَالَتَ: مَاتَتْ شَاةٌ لَنَا، فَدَبَغْنَا) -بفتح الباء الموحّدة- يقال: دبغتُ الجلد دبغًا، منْ بأبي قتل، ونَفَع، ومن باب ضرب لغةٌ حكاها الكسائي. والدِّباغة بالكسر: اسم للصَّنْعة، وَقَدْ يُجعل مصدرًا، والدِّبْغ بالكسر، والدِّباَغ أيضًا: ما يُدبَغُ به، واندبغ الجلد فِي المطاوعة، والفاعل دبّاغ، والمَدْبَغَةُ بالفتح: موضع الدَّبْغ، وضمّ الباء لغةٌ. قاله الفيّوميّ (مَسْكَهَا) بالنصب مفعول "دبغنا"، والمَسْكُ " -بفتح الميم، وبالمهملة-: الجلد، وجمعه مُسُوكٌ، مثلُ فَلْس وفُلُوس (فَمَازِلْنَا نَنْبِذُ فِيهَا) بكسر الباء الموحّدة، منْ باب ضرب: أي نُلقي فيها التمرات، ونحوها، حَتَّى تكون نبيذًا، وإنما أنّث ضمير "فيها" عَلَى تأويل المسك بالقربة (حَتَّى صَارَتْ شَنًّا") -بفتح المعجمة، وتشديد النون: أي عَتيقًا باليًا، والشَّنَّةُ: القِرْبة العَتِيقة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث سودة رضي الله تعالى عنها هَذَا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٤/ ٤٢٤٢ - وفي "الكبرى" ٤/ ٤٥٦٦. وأخرجه (خ) فِي "الأيمان والنذور" ٦٦٨٦ (أحمد) فِي "مسند القبائل" ٢٦٨٧٢. والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: قَالَ الحافظ رحمه الله تعالى: أخرج النسائيّ منْ طريق مغيرة بن مقسم، عن الشعبيّ، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم حديثا فِي دباغ جلد الشاة الميتة غير هَذَا -يعني الحديث الذي قبل هَذَا- قَالَ: وأشار المزّيّ فِي "الأطراف" إلى أن ذلك علّة لرواية إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبيّ التي فِي الباب. قَالَ الحافظ: وليس كذلك، بل هما حديثان متغايران فِي السياق، وإنْ كَانَ كلّ منهما منْ رواية الشعبيّ، عن ابن عباس، ورواية مغيرة هذه توافق لفظ رواية عطاء،
عن ابن عبّاس، عن ميمونة، وهي عند مسلم، وأخرجها البخاريّ منْ رواية عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عبّاس، بغير ذكر ميمونة، ولا ذكر الدباغ فيه. انتهى. كلام الحافظ رحمه الله تعالى (١).