للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ ابن حبّان بعد أن أخرجها: هذه اللفظة أوهمت عالمًا منْ النَّاس أن هَذَا الخبر ليس بمتّصل، وليس كذلك، بل عبد الله بن عُكيم شهِد كتاب رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم حيث قُرىء عليهم فِي جهينة، وسمع مشايخ جهينة يقولون ذلك. وَقَالَ البيهقيّ، والخطّابيّ: هَذَا الخبر مرسل. وَقَالَ ابن أبي حاتم فِي "العلل" عن أبيه: ليست لعبد الله بن عُكيم صحبة، وإنما روايته كتابة. وأغرب الماورديّ، فزعم أنه نُقل عن عليّ بن المدينيّ أن رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم مات، ولعبد الله بن عُكيم سنة. وَقَالَ صاحب "الإمام": تضعيف منْ ضعّفه ليس منْ قبل الرجال، فإنهم كلّهم ثقات، وإنما ينبغي أن يُحمل الضعف عَلَى الاضطراب، كما نُقل عن أحمد، ومن الاضطراب فيه ما رواه ابن عديّ، والطبرانيّ، منْ حديث شبيب بن سعيد، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عنه، ولفظه: "جاءنا كتاب رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم، ونحن بأرض جهينة، إني كنت رخّصت لكم فِي إهاب الميتة، وعصبها، فلا تنتفعوا بإهاب، ولا عصَب"، إسناده ثقات، وتابعه فَضالة بن المفضّل عبد الطبرانيّ فِي "الأوسط". ورواه أبو داود منْ حديث خالد، عن الحكم، عن عبد الرحمن أنه انطلق هو وأناس معه إلى عبد الله بن عُكيم، فدخلوا، وقعدتُ عَلَى الباب، فخرجوا إليّ، وأخبروني أن عبد الله بن عُكيم أخبرهم، فهذا يدلّ عَلَى أن عبد الرحمن ما سمعه منْ ابن عُكيم، لكن إن وُجد التصريح بسماع عبد الرحمن منه، حُمل عَلَى أنه سمعه منه بعد ذلك.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "عن الحكم، عن عبد الرحمن" غلط غريبٌ منْ مثل الحافظ رحمه الله تعالى، فإن عبد الرحمن ليس له ذكر عبد أبي داود فِي هذه الرواية، فقوله: "أنه انطلق هو وأناس الخ" يرجع إلى الحكم، فالحكم هو الذي قعد عَلَى الباب، ثم حدثه النَّاس الذين دخلوا عَلَى ابن عُكيم، وقوله: "فهذا يدلّ عَلَى أن عبد الرحمن ما سمعه الخ" غلط مبني عَلَى الغلط الأول، وَقَدْ نبّه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى عَلَى هَذَا الغلط فِي "إروائه"، فراجعه (١).

قَالَ: وفي الباب عن ابن عمر، رواه ابن شاهين فِي "الناسخ والمنسوخ"، وفيه عديّ ابن الفضل، وهو ضعيف. وعن جابر، رواه ابن وهب فِي "مسنده" عن زمعة بن صالح، عن أبي الزبير، عن جابر، وزمعة ضعيف. ورواه أبو بكر الشافعيّ فِي "فوائده" منْ طريق أخرى، قَالَ الشيخ الموفّق: إسناده حسن.


(١) راجع "إرواء الغليل" ١/ ٧٦ - ٧٩.