رضي الله تعالى عنهما أحد العبادلة الأربعة، وأحد المكثرين السبعة، روى (٢٦٣٠) حديثا. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَن ابن عُمَرَ) رضي الله تعالى عنهما (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ) ثم جاء النسخ، كما سيأتي صريحًا (غَيْرَ مَا اسْتَثْنَى مِنْهَا") بنصب "غير" على الاستثناء، أي إلا الكلاب التي استثناها، وهي: كلب الصيد، والماشية، كما فِي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، ويزاد عليهما كلب الزرع، كما فِي حديث عبد الله بن المغفّل، وحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما.
قَالَ أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى: حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما روي مطلقًا، منْ غير استثناء، كما فِي رواية مالك، عن نافع، عن ابن عمر:"أن رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم أمر بقتل الكلاب".
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا بالنسبة لرواية مالك فِي البخاريّ ومسلم، وأما روايته عند المصنّف، فهي مقيّدة بالاستثناء، فتنبّه.
قَالَ: وروي مقيّداً بالاستثناء المتّصل، كرواية عمرو بن دينار، عن ابن عمر:"أن النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، إلا كلب صيد، أو كلب غنم، أو ماشية، فيجب عَلَى هَذَا ردّ مطلق إحدى الروايتين عَلَى مقيّدهما، فإن القضيّة واحدةٌ، والراوي لهما واحد، وما كَانَ كذلك وجب فيه ذلك بالإجماع، وهذا واضح فِي حديث ابن عمر، وعليه فكلب الصبي، والماشية لم يتناولهما قطّ عموم الأمر بقتل الكلاب؛ لاقتران استثنائهما منْ ذلك العموم.
وإلى الأخذ بهذا الحديث ذهب مالك، وأصحابه، وكثير منْ العلماء، فقالوا بقتل الكلاب، إلا ما استُثني منها، ولم يروا الأمر بقتل ما عدا المستثنى منسوخًا، بل مُحكمًا. وأما حديث عبد الله بن مغفّل رضي الله تعالى عنه، فمقتضاه غير هَذَا، وذلك أنه قَالَ فيه: أمر رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم بقتل الكلاب، ثم قَالَ: "ما بالهم، وبال الكلاب؟ "، ثم رخّص فِي كلب الصيد، وكلب الغنم والزرع، ومقتضى هَذَا أنه أمرهم بقتل جميع الكلاب، منْ غير استثناء شيء منها، فبادروا، وقَتلوا كلَّ ما وجدوا منها، ثم بعد ذلك رخص فيما ذُكر، فيكون هَذَا الترخيص منْ باب النسخ؛ لأن العموم قد استقرّ، وبَرَد، وعُمل به، فرفع الحكم عن شيء مما تناوله نسخٌ، لا تخصيص. وَقَدْ ذهب إلى هَذَا فِي هَذَا الحديث بعض العلماء. ونحوٌ منْ حديث عبد الله ابن المغفّل حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، قَالَ: قد أمرنا رسول الله