للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم بقتلها، وهي الأسود البهيم، وما عدا الكلاب التي يصيد بها، أو يحفظ بها مواشيه، وكذا زرعه. (ومنها): أن فيه أن الكلاب أمم، كسائر الأمم التي تسبّح الله تعالى، فلا ينبغي قتلها، إلا ما أذن به الشارع الحكيم. (ومنها): الأمر بقتل الكلب الأسود، وَقَدْ عُلّل فِي الحديث بأنه شيطان، يعني أنه ضرر محضٌ، فينبغي إبادته؛ إبعادًا لضرره عن المسلمين. (ومنها): جواز اتخاذ الكلب للحرث، والصيد، والماشية. (ومنها): أن منْ اتّخذ كلبًا، لم يأذن به الشارع، مما سبق آنفًا، فقد جنى عَلَى نفسه، حيث يذهب عليه كلّ يوم قيراط منْ عمله الصالح، فما أعظمه منْ خسارة، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.

(ومنها): أن الأَصَحَّ عَن الشَّافِعِيَّة إِبَاحَة اتِّخَاذ الْكِلَاب؛ لِحِفْظِ الدَّرْب، إلْحَاقًا لِلْمَنْصُوصِ بِمَا فِي مَعْنَاهُ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْن عَبْد البرّ.

(ومنها): أنهم اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَأْذُون فِي اتِّخاذه، مَا لَمْ يَحْصُل الاتِّفَاق عَلَى قَتْله، وَهُوَ الْكَلْب الْعَقُور، وَأما غَيْر الْعَقُور، فَقَدْ اخْتُلِفَ هَلْ يَجُوز قَتله مُطْلَقًا، أَم لَا؟.

(ومنها): أنَّه استُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز تَرْبِيَة الْجَرْو الصَّغِير؛ لِأَجْلِ المَنْفَعَة الَّتِي يَئُولُ أَمْره إِلَيْهَا إِذَا كَبِرَ، وَيَكُون الْقَصْد لِذَلِكَ قَائِمًا مَقَام وُجُود الْمَنْفَعَة بهِ، كَمَا يَجُوز بَيْع مَا لَمْ يُنْتَفَع بِهِ فِي الْحَال؛ لِكَوْنِهِ يَنْتَفع بِهِ فِي المَآل.

(ومنها): أنه اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى طَهَارَة الْكَلْب الْجَائِز اتِّخَاذه؛ لِأَنَّ فِي مُلَابَسَته مَعَ الاحْتِرَاز عَنهُ، مَشَقَّة شَدِيدَة، فَالإذْن فِي اتِّخَاذه، إِذْن فِي مُكَمِّلَات مَقْصُوده، كَمَا أن الْمَنْع مِنْ لَوَازِمه، مُنَاسِب للمَنْع مِنْهُ، قَالَ الحافظ: وَهُوَ اسْتِدْلَال قَوِيّ، لَا يُعَارضهُ إِلَّا عُمُوم الْخَبَر الوَارِد فِي الأَمْر مِنْ غَسْل مَا وَلَغَ فيهِ الْكَلْب، مِنْ غَير تَفْصِيل، وَتَخْصِيص الْعُمُوم غَيْر مُستَنْكَر، إِذَا سَوَّغَهُ الدَّلِيل.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بطهارة الكلب هو الحقّ، ولا يلزم منه التعارض مع الأمر بغسل ولوغه؛ لأن ذلك لدليل خاصّ به، فتأمل. والله تعالى أعلم.

(ومنها): أن فِيه الْحَثَّ عَلَى تَكْثِير الأَعْمَال الصَّالِحَة، وَالتَّحْذِيرَ مِنْ الْعَمَل بمَا يَنْقُصهَا، وَالتَّنْبِيه عَلَى أَسبَاب الزِّيَادَة فِيهَا، وَالنَّقْص مِنْهَا، لِتُجْتَنَب، أَوْ تُرْتَكَب.

(ومنها): أن فيه بَيَانَ لُطْف الله تَعَالَى بخَلْقِهِ، فِي إِبَاحَة مَا لَهُم بِهِ نَفْع. (ومنها): أنه صلّى الله تعالى عليه وسلم بيّن لأمته كلّ ما يحتاجون إليه، منْ أُمُور مَعَاشهم، وَمَعَادهم. (ومنها): أن فيه تَرجِيحَ الْمَصلَحَة الرَّاجِحَة عَلَى المَفْسَدَة؛ لِوُقُوع اسْتِثنَاء مَا يُنتَفَع بِهِ، مِمَّا حَرُمَ اتِّخَاذه.

(منها): ما قَالَ الحافظ ابن عَبْد الْبَرّ رحمه الله تعالى: فِي هَذَا الْحَدِيث إِبَاحَة اتِّخَاذ