للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لكن يجوز أن يكون مراد زهدم بقوله: كنا قومه الذين دخلوا قبله، عَلَى أبي موسى، وهذا مجاز، قد استَعْمَلَ غيرُهُ مثله، كقول ثابت البناني: خطبنا عمران بن حصين، أي خطب أهلَ البصرة، ولم يدرك ثابت خطبة عمران المذكورة، فيحتمل أن يكون زهدم دخل، فجرى له ما ذُكر، وغاية ما فيه أنه أبهم نفسه، ولا عجب فيه. والله أعلم. انتهى (١).

(فَقَالَ) أبو موسى رضي الله تعالى عنه للرجل الذي تنحَّى (ما شأنك) أي ما حالك فِي ابتعادك عن أكل الدجاج؟ (قَالَ) الرجل (إني رأيتها تأكل شيئاً قذرته) وفي رواية البخاريّ: "فقذرته"، وهو بكسر الذال المعجمة، يقال: قذِرت الشيءَ، منْ باب تعِبَ، واستقذرته، وتقذّرته: إذا كرهته لوسَخه. وقذِرَ الشيءُ، فهو قَذِرٌ، منْ باب تعِبَ أيضاً: إذا لم يكن نظيفًا. قاله فِي "المصباح". وفي رواية أبي عوانة: "إني رأيتها تأكل قَذَرًا"، وكأنه ظن أنها أكثرت منْ ذلك، بحيث صارت جَلَّالة، فبَيَّن له أبو موسى، أنها ليست كذلك، أو أنه لا يلزم منْ كون تلك الدجاجة التي رآها كذلك، أن يكون كل الدجاج كذلك (فحلفت أن لا آكله، فَقَالَ أبو موسى) رضي الله تعالى عنه (ادن) كذا للأكثر، فعل أمر، منْ الدُّنُوّ، ووقع فِي "صحيح البخاريّ" عند المستملي، والسرخسي بلفظ: "إذاً" بكسر الهمزة، وبذال معجمة، مع التنوين، حرف نصب، وزاد فِي رواية البخاريّ: "أخبرك"، أو "أُحدّثك"، وهو مجزومٌ، عَلَى رواية "ادنُ" عَلَى أنه جواب الأمر، ومنصوب بـ"إذاً" عَلَى رواية المستملي، والسرخسيّ، وقوله: أو "أحدثك"، شك منْ الراوي. أفاده فِي "الفتح".

(كل فإني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأكله) أي يأكل لحم الدجاج (وأمره) أي أمر أبو موسى الرجل (أن يكفر عن يمينه) حيث حلف أن لا يأكله، كما تقدّم آنفًا. والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث أبي موسى الأشعريّ رضي الله تعالى عنه هَذَا متَّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٣٣/ ٤٣٤٧ و٤٣٤٨ - وفي "الكبرى" ٣٦/ ٤٨٥٨ و٤٨٥٩. وأخرجه (خ) فِي "فرض الخمس" ٣١٣٣ و"المغازي" ٤٣٨٥ و"الذبائح" ٥٥١٧ و٥٥١٨


(١) "فتح" ٩/ ٥٦٣، ٥٦٤."كتاب الذبائح".