عون، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، قَالَ: لَمّا كَانَ ذلك اليومُ قعد عَلَى بعيره، وأخذ إنسان بخطامه، فَقَالَ:"أتدرون أيُّ يوم هَذَا؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، حَتَّى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه، فَقَالَ:"أليس بيوم النحر؟ " قلنا: بلى، يا رسول الله، قَالَ:"فأيُّ شهر هَذَا؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم، قَالَ؛ "أليس بذي الحجة؟ " قلنا: بلى، يا رسول الله، قَالَ:"فأيُّ بلد هَذَا؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم، قَالَ: حَتَّى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه، قَالَ:"أليس بالبلدة؟ " قلنا: بلى يا رسول الله، قَالَ:"فإن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هَذَا، فِي شهركم هَذَا، فِي بلدكم هَذَا، فليبلغ الشاهد الغائب"، قَالَ: ثم انكفأ إلى كبشين أملحين، فذبحهما، وإلى جُزَيْعَةٍ منْ الغنم فقسمها بيننا. انتهى صحيح مسلم ج: ٣ ص: ١٣٠٦.
(يَوْمَ النَّحْرِ) ظرف متعلّق بـ"انصرف"(إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ) تقدّم تفسيره (فَذَبَحَهُمَا، وَإِلَى جُذَيْعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ) قَالَ ابن الأثير رحمه الله تعالى فِي "النهاية" ١/ ٢٦٩: "الْجُزَيعة": القطعة منْ الغنم، تصغير جِزْعة بالكسر، وهو القليل منْ الشيء، يقال: جَزَعَ له جِزْعَةً منْ المال: أي قطع له منه قِطعةً، هكذا ضبطه الجوهريّ، مصغّرًا، والذي جاء فِي "المجمل" لابن فارس بفتح الجيم، وكسر الزاي، قَالَ: هي القطعة منْ الغنم، كأنها فَعِيلةٌ بمعنى مفعولة، وما سَمِعناها فِي الْحَدِيث إلا مصغّرةً. انتهى.
وَقَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم" ١١/ ١٧٢: قوله: "جزيعة" بضم الجيم وفتح الزاي، ورواه بعضهم جَزِيعة بفتح الجيم وكسر الزاي، وكلاهما صحيح، والأول هو المشهور، فِي رواية المحدثين، وهو الذي ضبطه الجوهري وغيره، منْ أهل اللغة، وهي القطعة منْ الغنم، تصغير جِزْعة بكسر الجيم، وهي القليل منْ الشيء، يقال جَزَع له منْ ماله: أي قطع، وبالثاني ضبطه ابن فارس فِي "المجمل"، قَالَ: وهي القطعة منْ الغنم، وكأنها فعيلة بمعنى مفعولة، كضَفِيرة، بمعنى مضفورة. انتهى.
[تنبيه]: هَذَا الذي ذُكر منْ ضبط "الجُزَيعة" بالزاي، هو الذي وقع فِي النسخة الهنديّة، وغيرها، وهو الصواب، وأما ما وقع فِي النسخة المطبوعة المصرية، و"الكبرى" مكتوبًا بالذال المعجمة بدل الزاي، فتصحيف، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
(فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا) أي قسم تلك الأغنام بين أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي بكرة رضي الله تعالى عنه هَذَا أخرجه مسلم، لكن تكلّم فيه الدارقطنيّ، قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى فِي "شرح صحيح مسلم" ج: ١١ ص: ١٧٢: قَالَ