التطوع قولا، وكذا في رواية عن أحمد، وقال ابن قدامة: ليس ما نقل عنه من ذلك بواضح الدلالة.
وأما آل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أكثر الحنفية وهو المصحح عند الشافعية والحنابلة
وكئير من الزيدية: إنها تجوز لهم صدقة التطوع دون الفرض، قالوا: لأن المحرم عليهم إنما هي أوساخ الناس، وذلك هو الزكاة لا صدقة التطوع، وقال في البحر: إنه خصصَ صدقةَ التطوع القياسُ على الهبة والهدية والوقف، وقال أبو يوسف وأبو العباس: إنها تحرم عليهم كصدقة الفرض؛ لأن الدليل لم يفصل اهـ. نيل الأوطار ج ٥ ص ٢٢٩.
قال الجامع عفا الله عنه:
وقول من عمم هو الراجح عندي لظهور دليله، والله أعلم. وسيأتي مزيد بسط للمسالة في محلها من كتاب الزكاة، إن شاء الله تعالى.
المسألة السادسة: في حكم إنزاء الحمر على الخيل واختلاف أهل العلم في ذلك: قال الحافظ أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في شرح معاني الآثار بعد ذكر حديث ابن عباس المذكور في الباب، وحديث علي رضي الله عنه قال:"أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغلة فركبها، فقال علي: لو حملنا
الحمير على الخيل، فكانت لنا مثل هذه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما يفعل
ذلك الذين لا يعلمون" ورواه أبو داود أيضا، قال الطحاوي ما لفظه: ذهب قوم إلى هذا فكرهوا إنزاء الحمر على الخيل، وحرموا ذلك ومنعوا منه، واحتجوا بهذه الآثار، وخالفهم في ذلك آخرون، فلم يروا بذلك بأسا، وكان من الحجة لهم في ذلك أن ذلك لو كان مكروها لكان ركوب البغال مكروهًا؛ لأنه لولا رغبة الناس في البغال وركوبهم إياها لَمَا أنزئت الحمر على الخيل، ألا ترى أنه لما نهى عن خصاء بني آدم كره بذلك الخصيان، لأن في اتخاذهم ما يحمل من تحضيضهم على إخصائهم